الحمد لله.
أولا :
إذا قبض الموهوب له الهبة ، فقد استقر ملكه عليها ، فإذا ردها بعد موت الواهب فإنها
تكون هبة منه للورثة ، وبناء على هذا ؛ فلا تدخل في التركة ، ولا توزع كما يوزع
الميراث ، بل يرجع في كيفية توزيعها إلى هذا الشخص .
قال ابن قدامة : فيما لو قبل الموصى له الوصية وقبضها ، ثم ردها :
" أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ ، فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ ؛ لِأَنَّ
مِلْكَهُ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ، فَأَشْبَهَ رَدَّهُ لِسَائِرِ مِلْكِهِ، إلَّا
أَنْ يَرْضَى الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ ، فَتَكُونَ هِبَةً مِنْهُ لَهُمْ ، تَفْتَقِرُ
إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ ".
انتهى من " المغني " (6/154) .
وبيّن الشيخ ابن عثيمين عدم صحة الرد بقوله :
" لأنها دخلت ملكه ، لكن لو قبلها الورثة ، أي قبلوا ردَّه للوصية ، صار ابتداء هبة
لهم من الموصَى له .
مثاله : أوصى رجل بهذا البيت لفلان ، فَقَبِل ، وصار البيت له ، ثم بعد ذلك
نَدَّمَهُ بعض الناس ، فجاء للورثة وقال : أنا تعجَّلت وقبلت الوصية ، والآن أردها
، فقال الورثة : لا نقبل ، فنأخذ بقول الورثة ؛ لأنه لما قبلها دخلت في ملكه ، لكن
لو قَبِلَ الورثة الرد صار ابتداء هبة ، فكأنه أعطاهم من جديد .. " انتهى من "
الشرح الممتع " (11/150) .
ثانيا :
تعطى هذه الهبة المردودة بحسب ما يريده الراد ، فإن أرادها لأولاد الميت خاصة ، فهي
لهم ، سواء رغب أن تقسم بينهم بالسوية ، أو تقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، أو
رغب أن تكون لبعضهم دون بعض .
وإن أرادها لعموم الورثة ، فإنها تعطى لهم جميعا ، وتقسم عليهم بالطريقة التي
يريدها الراد .
قال ابن قدامة :
" وَكُلُّ مَوْضِعٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ ، فَلَهُ
أَنْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدًا مِنْ الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ هِبَةٍ ،
وَيَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى أَجْنَبِيٍّ ، فَمَلَكَ دَفْعَهُ إلَى وَارِثٍ .
فَلَوْ قَالَ : رَدَدْت هَذِهِ الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ . قِيلَ لَهُ : مَا أَرَدْت
بِقَوْلِكَ لِفُلَانٍ ؟ فَإِنْ قَالَ : أَرَدْت تَمْلِيكَهُ إيَّاهَا ،
وَتَخْصِيصَهُ بِهَا . فَقَبِلَهَا ، اخْتَصَّ بِهَا ، وَإِنْ قَالَ : أَرَدْت
رَدَّهَا إلَى جَمِيعِهِمْ ، لِيَرْضَى فُلَانٌ ، عَادَتْ إلَى جَمِيعِهِمْ إذَا
قَبِلُوهَا ، فَإِنْ قَبِلَهَا بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ ، فَلِمَنْ قَبِلَ حِصَّتُهُ
مِنْهَا " انتهى من " المغني " (6/154) .