الحمد لله.
إذا استمر مسلم في التبرع بمبلغ كفالة ليتيم أو فقير أو غيره مدةً من الزمن ثم أراد
التوقف عن ذلك ؛ لضيق ذات يده ، أو لتحويل صرفه إلى جهة بر أخرى ، أو لأي سبب من
الأسباب ، جاز له ذلك .
أما ما سبق وأن دفعتموه إلى خالكم وهو جد اليتيمة ، فلا يحل لكم الرجوع فيه ؛ لأن
الرجوع في الصدقة بعد قبض المستحق لها ، غير جائز بإجماع أهل العلم .
لما رواه البخاري في صحيحه (2589) عن ابن عباس رضي الله عنهما : قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ
ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ) ،وفي لفظ (2623) ( الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِه ) .
وروى مالك في "الموطأ" (1477) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " من وهب هبة
لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها... " وصحح إسناده الشيخ الألباني رحمه
الله في "إرواء الغليل" (6/55) .
وقد بوب البخاري في صحيحه باب : " لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته " .
قال الحافظ ابن حجر: " ... وأما الصدقة ، فاتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع فيها بعد
القبض " انتهى من " فتح الباري " (5/235) .
وينظر جواب السؤال : (146237) .
وأما قطع هذه الكفالة
مستقبلا : فلا حرج عليكم فيه ، متى علمتم أنها لم تبلغ مبلغها ، وأن الطفلة ليست في
حاجة على الكفالة .
غير أن النصيحة لكم أن لا تستعجلوا في ذلك ؛ حتى تتبينوا من الأمر جيدا ، وتعلموا
اكتفاء هذه اليتيمة ؛ فقد يكون ادخار جدها لهذه المبالغ من حسن تدبيره وتصرفه ،
وأنه رأى ادخار هذه لها في المستقبل أنفع لها وأحسن . أو غير ذلك من الأسباب التي
قد تخفى عليكم .
وكما يقال " قطع العادة
عداوة " ، فلا تتعجلوا حتى تتيقنوا ، فإن تيقنتم فأحسنوا العذر لقطع هذه الكفالة ؛
حتى لا يعود البر والصلة بينكم إلى عداوة وقطيعة .
والله أعلم .