الحمد لله.
وأما الأجرة: فلا يستحقها؛ لأنه لم يعمل شيئا.
قال في "المغني" في الموضع السابق: " إذا أتلف الصانع الثوب بعد عمله : فصاحبه مخير
بين تضمينه إياه غير معمول ، ولا أجر عليه . وبين تضمينه إياه معمولا ، ويدفع إليه
أجره ، ولو وجب عليه ضمان المتاع المعمول ، فصاحبه مخير بين تضمينه قيمته في الموضع
الذي سلمه إليه ولا أجر له ، وبين تضمينه إياه في الموضع الذي أفسده ، ويعطيه الأجر
إلى ذلك المكان".
وقال: " فإن أمره أن يقطع الثوب قميص رجل ، فقطعه قميص امرأة : فعليه غرم ما بين
قيمته صحيحا ومقطوعا ، لأن هذا قطع غير مأذون فيه ، فأشبه ما لو قطعه من غير إذن .
وقيل : يغرم ما بين قميص امرأة وقميص رجل لأنه مأذون في قميص في الجملة ، والأول
أصح ، لأن المأذون فيه قميص موصوف بصفة ، فإذا قطع قميصا غيره ، لم يكن فاعلا لما
أذن فيه، فكان متعديا بابتداء القطع ، ولذلك لا يستحق على القطع أجرا ، ولو فعل ما
أمر به لاستحق أجره" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو أنه قال له: خِط هذا الثوب قميصا واسعا،
والقطعة تكفي، لكن اجتهادا منه قال: أجعله معقولا؛ لأوفر قطعة القماش على صاحب
الثوب ، ففعل، فإنه يضمن؛ لأنه فعل غير ما أذن له فيه.
وإذا قلنا: إنه يضمن فهل له أجرة؛ لأنه تعب وخاط ، وأمضى وقتا وخيوطا واستعمالا
للآلة أو لا؟ ليس له أجرة .
وإذا قلنا في هذه الحال: إنه يضمن، فهل نقول: يأخذ [أي الخياط] السراويل ، ويرد
بدلها قطعة القماش، أو نقول: يأخذ صاحب القطعة السراويل ، ويعطى الفرق بين القميص
والسروال؟
الأول هو الواجب، لكن إذا اصطلحا على شيء فلا بأس، لو قال: أنا آخذ السراويل ، ولكن
أعطني الفرق بين السراويل والقميص : فلا بأس إذا اتفقا" انتهى من "الشرح الممتع"
(10/83).
ثانياً:
قد علم مما تقدم أنه لا يلزمك ثمن القطعة الجديدة، ولا أجرة نزع الأولى وتركيب
الثانية.
غير أنه كان يجب عليك أن ترجع على صاحب المحل ، وتبين له خطأه فيما فعل ، وأنه
ركب قطعة أخرى غير المقصودة ، من حين اكتشافك لذلك ، حتى لا تستعمل القطعة التي
وضعها هو خطأ .
ويلزمك أن تستدرك ذلك الآن : فإما أن يعيد هو تركيب القطعة القديمة، ويأخذ قطعته
التي وضعها ، دون أجرة له على ذلك ، وإنما تدفع أنت ـ فقط ـ أجرة استعمال الجديدة
هذه المدة ، من حين معرفتك بخطئه ، يقدره أهل الخبرة .
وإما أن تأخذ القطعة الجديدة، وتدفع أنت الفرق بين ثمنها وثمن القطعة القديمة التي
كانت في سيارتك .
ومسائل المنازعات هذه قد يحتاج فيها إلى تحكيم أهل الخبرة، ليتبين أن العامل لم يصلح الخلل ، وأنه قد أخرج قطعة صالحة ليست سبب المشكلة . وما يقدرونه من فروق الأثمان بين هذه القطع.
والله أعلم.