الحمد لله.
اتفق الفقهاء على عدم صحة وقف كتب الضلال والسحر والبدع ونحوها من الكتب المحرمة شرعا ؛ لأن اقتناءها لا يجوز أصلا ، ولما في وقفها من الإعانة على المعصية .
فإذا كان ما أوقفته كتبا متمحضة للبدع ، في تقريرها ، أو الدعوة إليها ، أو نحو ذلك : فالواجب عليك إزالتها من هذا المكان .
فإن كان هناك طالب علم متخصص ، يحتاج إلى مثل هذه الكتب في دراسته ، وينتفع بها ، ويؤمن عليها من شرها : جاز إعطاؤها له ، أو وقفها في مكان مخصص بطلبة العلم المتخصصين ، مثل مكتبات الدراسات العليا ، ونحوها .
ويجوز إعطاؤها له خاصة ، إذا كان من المتخصصين الذين يرجى نفعهم في هذا الباب ، ويحتاج إلى مثل هذه الكتب ، أيا كانت .
وإن كنت أنت من هؤلاء المتخصصين ، واحتفظت بها لنفعك : فالأحسن أن تضع بدلا منها ، كتبا يعم نفعها ، في هذا المسجد .
وإن لم يوجد من يحتاج في تخصصه إلى مثل هذه الكتب ، وكانت البدعة والشر غالبا عليها : فإنها تزال من هذا المكان ، وتُتْلف .
فإن أحببت أن تضع كتبا أخرى مكانها ، على كل حال : فهذا وقف جديد ، وهو تبرع منك ، فضع ما شئت من ذلك حيث شئت .
وأما إن كانت الكتب الموقوفة مفيدة نافعة ، لكن فيها مسائل بدعية ، مع ما فيها من النفع والخير : فهذا مما عمت به البلوى ، ويعسر خلو الكتب منها ، إلا ما ندر .
ومثل هذا الوقف : صحيح نافذ .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم في قول الفقهاء : ولا يصح الوقف على كتب بدع :
" ككتب الجهمية والمعتزلة ونحو ذلك .
أما كتب فيها أشياء جزئية من غلط ، فالوقف عليها صحيح ، لأن العصمة إنما هي للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ ولو قيل إنه لايصح إلا على ما ليس فيه غلط لأفضى ذلك إلى أن لا يصح وقف أصلا " انتهى من " فتاوى ابن إبراهيم " (9/60) ."
وفي هذه الحالة يجب عليك أن تعيد الكتب إلى المسجد .
فإن كنت قد أتلفتها ، فإنك تشتري بدلها .
ولا حرج عليك – في هذه الحالة - أن تشتري كتبا أخرى مما ترى أنها أنفع وأكثر فائدة من الكتب التي أخذتها .
ولا يكفيك أن تشتري عدة نسخ من كتاب واحد ، لأن هذا أقل فائدة مما لو كانت الكتب متنوعة ، وإبدال الوقف بما هو خير منه جائز ، أما إبداله بما هو دونه فلا يجوز .
وإذا كانت فائدة الكتب في هذا المسجد قليلة ، فلا بأس أن تنقلها إلى مسجد آخر يكثر فيه المصلون ، وتكون الفائدة من الكتب أكثر .
فإن لم يوجد ، فضعها في نفس المسجد ، ولو مع قلة الفائدة منها .
والله أعلم .