الحمد لله.
أولا:
ينبغي أن يعلم أن حيض المرأة قد يتقدم ويتأخر، ويزيد وينقص. وهذا أمر شائع معروف، ويمكن مراجعة الطبيبة للوقوف على سبب ذلك، من زيادة هرمون أو نقصانه، أو غير ذلك.
وعلى هذا فلا إشكال فيما ذكرت من أن الدورة الشهرية لك كانت ستة أيام أو سبعة، ثم صارت ثلاثة أو أربعة أو خمسة، وأنها قد لا تأتي في شهر بالمرة، أو تأتي في آخر الشهر، ثم تأتي في أول شهر آخر.
وكذلك لا إشكال في مجيء الدورة مرتين في الشهر إذا كان بينهما ثلاثة عشر يوما فأكثر، فإن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما عند الحنابلة، أو خمسة عشر يوما عند الجمهور.
فما جاءك في آخر ذي القعدة حيض، وكذلك ما جاءك بعد ذلك في 24 ذي الحجة؛ لأن بينهما أكثر من خمسة عشر يوما.
ثانيا:
دم الحيض لا يكون على صفة واحدة، والغالب أن يبدأ كثيرا غامقا، ثم يقل ويفتح لونه حتى يصير كدرة أو صفرة.
والكدرة أو الصفرة إن كانتا في زمن العادة ، أو اتصلتا بالدم : فهما من الحيض .
وإن كانتا بعد الطهر، فليستا بشيء؛ لما روى مالك في الموطأ (130) عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ فَتَقُولُ لَهُنَّ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ.
ورواه البخاري معلقاً (كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره).
والدُّرْجة: هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها. وينظر: النهاية لابن الأثير (2/ 246).
والكرسف: القطن.
ولقول أم عطية رضي الله عنها: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً " رواه أبو داود (307). وصححه الألباني في صحيح أبي داود
والطهر من الحيض يعرف بإحدى علامتين :
الأولى : نزول القصة البيضاء ، وهي ماء أبيض تعرفه النساء .
الثانية : حصول الجفاف التام ، بحيث لو وضعت في المحل قطنة ونحوها ، خرجت نظيفة ليس عليها أثر من دم أو صفرة .
وعليه، فما ذكرت من أن الدورة جاءتك يوم ٢٤ من يوم السبت إلى الإثنين أو الثلاثاء ثم نزل بني وأصفر ثم دم قليل ثم في اليوم التالي انقطع البني لمدة ساعات ، تقريبا من قبل العصر أو الظهر إلى بعد المغرب أو العشاء ، وأنك عندما وضعت القطنة لم تجدي شيئا ثم رجع البني والأصفر الخ.
نقول: قد حصل الطهر لك بانقطاع الكدرة (البنية) ، إذا كانت القطنة قد خرجت نظيفة ، ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة. وكان عليك أن تغتسلي حينئذ، وتصلي.
ثم ما نزل بعد ذلك ، من كدرة أو شيء قريب من الأحمر أو وردي : لا يعتبر شيئا ، كما تقدم في حديث أم عطية.
أما إن نزل دم صريح، فهذا يكون حيضا.
ومعلوم أن الدورة قد تتقطع، فيأتي حيض، ثم طهر ولو لساعات، ثم حيض.
وأما قضاء الصلوات:
فإن كان الانقطاع بعد الظهر انقطاعا تاما، وخرجت القطنة نظيفة حتى من الصفرة، فلم تغتسلي بعد هذا الانقطاع ، وانتظرت إلى الصبح ، حيث رأيت الانقطاع الثاني :
فإن عليك قضاء الصلوات التي تركتها، أي قضاء الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
وأما إن كانت القطنة عليها أثر من صفرة أو كدرة، فإنك لم تطهري بذلك، ولا قضاء عليك.
ولا يضرك الإفرازات التي تنزل بعد الطهر، ما لم ينزل الدم الصريح.
جاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" : (4/222) المجموعة الثانية :
" نعرف أن الطهر يتبين بحالتين : الجفاف أولاً ، أو القصة البيضاء ، ومشكلتي أنني أرى الجفاف ثم بعد أيام أرى القصة البيضاء ، وأحياناً أرى القصة البيضاء ثم أرى بعده الكدرة والصفرة ..
الجواب :
إذا رأت الحائض الطهر التام ، واغتسلت من حيضها : فإنها لا تلتفت لما يحصل بعد ذلك من الكدرة والصفرة ؛ لقول أم عطية رضي الله عنها ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً ) " انتهى.
والله أعلم.