الحمد لله.
اختلف الفقهاء في العيوب التي توجب فسخ النكاح ويلزم بيانها عند العقد، وجمهور العلماء على حصرها في عيبوب معينة ليس منها ما ذكرت.
وذهب بعضهم إلى أن كل أمر يوجب النفرة ويمنع من كمال الاستمتاع : فإنه عيب يجب بيانه، ويحرم كتمانه . وهذا هو الراجح ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (121794).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم على البائع كتمان عيب سلعته ، وحرَّم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية أو أبي الجهم : ( أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ) فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب" انتهى من "زاد المعاد" (5/168) .
وقال رحمه الله: "والقياس أن كل عيبٍ ينفِّر الزوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة : يوجب الخيار ، وهو أولى من البيع ، كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع ، وما ألزم الله ورسوله مغروراً قط ، ولا مغبونا بما غُرَّ به ، وغبن به" انتهى من " زاد المعاد " ( 5 / 163 ) .
وعلى ذلك : فيدخل في العيوب الواجب بيانها : بعض صور الانحناء الظاهرة للعيان ؛ لأن الزوج إذا اطلع عليه بعد ذلك اعتقد أنه قد تم غشه وخداعه فتحصل النفرة، لا سيما إذا كان يسبب ألما، أو يحتاج احترازات معيشية معينة ، قد تؤثر على أداء الوظائف الاجتماعية ، أو النهوض بأعباء الأسرة والبيت ، أو يستدعي تدخلا جراحيا.
ويتأكد جانب الإخبار : إذا كان الانحناء يتزايد ، كما هو الواقع في كثير من هذه الحالات المرضية : أن الانحناء يبدأ يسيرا ، ثم إنه ، مع الوقت ، يتزايد .
أما إن كانت درجة الانحناء يسيرة ، بحيث لا تكون صورتها منفرة للزوج ، ولا تؤثر على شيء من الوظائف الحياتية : فلا يجب بيانها للخاطب .
وإن كان ذكرها ، على كل حال : هو الأقرب إلى كمال الأمانة والنصح ، والبعد عن الغش ، واتقاء أسباب النفرة والشقاق بين الزوجين .
وينبغي أن يُعلم أن قبول هذا الأمر أو رفضه هو شأن الخاطب وحده ، لا شأن أهله ، فلك الحق في المطالبة بعدم إخبار أهل الخاطب بذلك ، بل يخبر الخاطب وحده بذلك .
كما أنه لا مانع من تأخير إخباره مدةً ، لأن الغالب أن الخاطب إذا أخبر من بداية الأمر بأي عيب ولو كان يسيرا فإنه ينصرف .
أما إذا كان هذا الإخبار بعد معرفته على الكثير من صفات المخطوبة التي ترغبه فيها فإنه قد يرى التغاضى عن هذا العيب في مقابل مزاياها التي رآها منها .
ولا ينبغي أن يقلقك هذا الأمر فإنه لن يكون إلا ما قدر الله تعالى، فأبشري خيرا، وأحسني ظنك بالله، وأكثري من دعائه فإنه قريب مجيب.
نسأل الله أن يقر عينك بزوج صالح تسعدين معه في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.