الحمد لله.
أولا :
الوكالة الحصرية هي عقد بين طرفين ، تلتزم فيه الشركة الموردة أن لا تبيع هذه السلعة في بلد الوكيل ، إلا من خلال الوكيل نفسه .
فلا يكون لها في البلد نفسه وكيل آخر ، أو موزع آخر .
وقد تشترط الشركة الموردة على الوكيل ، ألا يبيع مثل سلعتها .
وهذا الشرط صحيح شرعا يجب على الطرفين الوفاء به .
ولا يجوز لأحد أن يعين أحد الطرفين على الإخلال بالشرط ، لأن هذا من التعاون على الإثم ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/3 .
قال الدكتور إبراهيم بن صالح التنم: " وشرط القصر في امتياز الوكالات التجارية يرتب حقا لطرفيه ، يوجب حمايته، والاعتداء على هذا الحق يشبه المنافسة غير المشروعة، والنظام يمنع الاعتداء على حق الاحتكار ، أو المنافسة غير المشروعة ، ولو لم يقترن هذا الاعتداء بسوء النية".
وقال:
"والراجح أن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة على ما تقدم بيانه، وخاصة ما كان فيه مصلحة لأحد طرفيه ، أو كليهما، أو دفع مفسدة، ولم يكن فيه غرر ولا ربا ، ونحوهما مما منعته الشريعة مطلقا، ولو مع توهم مصلحة فيه ، أو دفع مفسدة.
وشرط القصر، وإن كان يخالف مقتضى عقد البيع ، من جهة أن البيع يقتضي انتقال ملكية المبيع وحرية التصرف فيه للمشتري ، بموجب ذلك، إلا أن الفقهاء أيضا أجازوا بعض الشروط التي يشترطها البائع وتعود عليه فيها منفعة معلومة".
وقال:
"وإذا تقرر صحة الاتفاق الحصري، فإن للوكيل التجاري الحق في ملاحقة أي طرف ، بما ذلك الشركة المنتجة ، في حالة مخالفة هذا النص" انتهى من رسالته للدكتوراه: "الامتياز في المعاملات المالية" ص 441، 443، 445
وقال الدكتور عبد الرحمن بن سليمان الربيش في بحثه "عقد التوريد":
"شرط القصر:
مقتضى هذا الشرط : هو أن المورد يشترط على المستورد الاقتصار على بيع البضاعة التي استوردت منه، بحيث لا يبيع غيرها من جنسها، مما تنتجه مصانع أو جهات أخرى، مثل أن تشترط شركة تورد نوعا معينا من الصابون ، على المستورد ، ألا يستورد أنواعا أخرى من الصابون، حتى لا تزاحم منتجها.
والغاية منه : هي حماية بضاعة المورد من أن تنافسها بضاعة أخرى ، مما يؤثر على رواجها، وبالتالي يعرض المورد للخسارة، وتظهر نتائج هذا الشرط وفوائده على المورد والمستورد معا ، إذا طالت مدة عقد التوريد، حيث تضمن البضاعة مستوى تنافسيا جيدا، يستفيدان منه معا.
وما دام أن المسلمين قد تعارفوا على هذا الشرط، وتعاملوا على أساسه، وما دام يحصل بإرادة المتعاقدين، ولا يترتب عليه محظور شرعي، فلا مانع من اشتمال عقد التوريد عليه؛ لما سبق" انتهى من مجلة البحوث الإسلامية (91/ 274).
ثانيا :
الصورة الواردة في السؤال : فيها حصول هؤلاء التجار على هذه الأدوية من خارج بلد الوكيل الحصري ، ثم يدخلونها إلى البلد ، ويبيعونها للناس .
وهذه الصورة لا بأس بها ، وليس فيها اعتداء على عقد الوكالة الحصرية .
لأن عقد الوكالة لا يمنع الشركة الموردة من بيع هذه السلعة خارج بلد الوكيل .
فإذا اشتراها التجار من خارج بلد الوكيل ، سواء اشتروها من الشركة الموردة ، أو ممن يشتري منها ، كشركات بيع الأدوية أو الصيدليات أو الأفراد ، ثم أدخلوها إلى البلد وباعوها : فلا حرج في ذلك كله ، ولا مدخل لحق الوكيل الحصري ، وعقده مع الشركة الموردة في ذلك ؛ لأن هؤلاء التجار ليسوا طرفا في عقد الوكالة الحصرية ، فلا يشملهم هذا العقد ، ولا يُلزمهم بشيء .
وليس من حق الوكيل الحصري منع جميع الناس من الاتجار في هذه السلعة إلا من خلاله هو، فهذا سيعطيه التحكم في الأسعار ، فيعرض السعر الذي يريده ويبالغ في ذلك ، وإذا كانت السلعة مما تتعلق به حاجة الناس أو ضرورتهم ، كالأدوية ، كان ذلك احتكارا محرما ينهى الشرع عنه .
وينظر السؤال رقم (263153) .
والله أعلم .