الحمد لله.
أولا:
لا يجوز تأخير رواتب العمال عن وقت الاستحقاق، وهو تمام العمل، أو نهاية المدة المتفق عليها ، وتأخيرها عن ذلك من غير عذر يعد مطلا وظلما ، قال الله تعالى : فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ الطلاق/6 ، فأمر بإعطائهن الأجر فور انتهائهن من العمل .
وروى ابن ماجه (2443) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال المناوي في فيض القدير (1/ 562): " فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة ، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه، إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل، إذا طلب؛ وإن لم يعرق ، أو عرق، وجف " انتهى .
وروى البخاري (2227) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ .
فلا يجوز لمن تعاملتِ معهم تأخير دفع المستحقات عن وقتها المتفق عليه.
ثانيا:
كما أنه يحرم على من استأجرك أن يماطلك في أجرك ، أو يأكل حقك ، فكذلك : يحرم عليك أن تماطلي العمال الذي استعنت بهم في هذا العمل ، لأنهم أجراء عندك في واقع الأمر ، وأنت من اتفقت عليهم ، واستأجرتيهم للعمل ، وهم لم يعقدوا إجارة مع صاحب البيت ، ولم يتفقوا معه على شيء ، وإنما أنت من تولى ذلك كله ، وبتعبيرك : " إنت التي في وجههم " !! ولا علاقة لهم بمماطلة الطرف الأول ، ولا "نصبه" .
فإن لم يكن لديك مال، فاطلبي منهم الإنظار، وأفهميهم سبب التأخر إن أمكن، لئلا يجدوا في أنفسهم عليك فإن من لا يملك مالا كيف يستأجر غيره ويضيع حقه ؟
والله أعلم.