الحمد لله.
أولا:
قد ذكرت أنك تزوجت زواجك الأول بغير رضى وليك وأهلك، وأنك تطلقت لأجلهم، مع صغرك سنك في ذلك الوقت، وهذا يدل على استهتارك وجرأتك على حدود الله، فإن المرأة لا يصح أن تزوج نفسها، ولابد لها من رضى وليها ، وعقده النكاح لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709).
ولا يتم هذا غالبا إلا بعقوق الوالد، والعقوق من أسباب الشقاق والحرمان.
ولا يستثنى مما ذكرنا إلا حالة العضل، وهي أن يمنع الولي زواج موليته من الكفء الذي رضيت به، فهنا ترفع أمرها للقاضي الشرعي ليجبر الأب أو غيره من الأولياء على تزويجها، أو يزوجها هو.
وإذا كنتما قد افترقتما لأجل الأهل، فما معنى التفكير مرة أخرى في الزواج، وهل سيسمح به الأهل، أم تنوين العقوق والتمرد على أبيك مرة أخرى ؟
ثانيا:
يجب أن تعلمي عظم حق زوجك عليك، وأنك باتصالك على زوجك الأول تخونين الأمانة، وتلوثين الشرف والعرض، وتَصِمين نفسك بوصف الفسق، وتسلكين خطوات الشيطان، وتكفرين بنعمة الله، فقد ذكرت أن زوجك إنسان طيب، ولم يمض على زواجكما إلا ستة أشهر، ولعله يحبك، ويحسن الظن بك، ولا يخطر بباله أنك تخونينه، وتتعلقين بغيره، أفلا شعرت بالخزي من هذا التصرف؟!
ثالثا:
ما ذكرت من عدم التفاهم، يمكن علاجه، ولعل من أسبابه تعلق قلبك بغير زوجك، فإن المعصية لها أثر على الإنسان في حرمانه الرزق والخير، وفي الحديث: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ) رواه أحمد (22386) وابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
رابعا:
اعلمي أنه لا يجوز لك طلب الطلاق إلا لوجود سبب معتبر يبيح ذلك، كأن يكون الزوج يؤذيك ويهينك، فإن لم يوجد سبب معتبر كان طلب الطلاق محرما تحريما شديدا؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
خامسا:
يحرم على الرجل أن يفسد امرأة على زوجها، بأن يدعوها لطلب الطلاق، أو يبغض زوجها إليها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا). رواه أبو داود (2175) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الشيخ عبد العظيم آبادي - رحمه الله -: (مَن خبَّب): بتشديد الباء الأولى، أي: خدع وأفسد. (امرأة على زوجها): بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته، أو محاسن أجنبي عندها " انتهى من " عون المعبود " (6/ 159).
فهذا المخبِّب لك ، المفسد لعيشك مع زوجك : ناقص الدين، ساقط المروءة ، واقع في الإثم .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المرأة تحرم على المخبب تحريما مؤبدا، عقوبة له.
جاء في الموسوعة الفقهية (5/ 251): "وقد صرّح الفقهاء بالتّضييق عليه وزجره، حتّى قال المالكيّة بتأبيد تحريم المرأة المخبّبة على من أفسدها على زوجها ، معاملةً له بنقيض قصده، ولئلاّ يتّخذ النّاس ذلك ذريعةً إلى إفساد الزّوجات". انتهى.
سادسا:
نصيحتنا لك أن تتقي الله تعالى، وأن تحذري عقابه، وأن تحمدي الله أن سترك ولم يفضحك .
فبادري، يا أمة الله ، بقطع هذا الاتصال على الفور، واستغفري لذنبك، واندمي على ما صدر منك، واحذفي أرقامه ، ومعرفاته ، وغيري رقمك الذي يعرفه ، أو بريدك الذي يراسلك من خلاله ، وأحسني لزوجك، واحفظيه في غيبته، وتناسي أمر ذاك الرجل، واعلمي أنه لا يصلح لك، فلو كان مستقيما ما قبل أن يكلمك، ولا دعاك إلى فراق زوجك.
وانظري للفائدة: جواب السؤال رقم (45520).
نسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك.
والله أعلم.