الحمد لله.
أما السند الأول: فرجاله ثقات من رجال الشيخين ، إلا أن مغيرة وهو ابن مقسم الضبي مدلس ، وقد عنعنه عن أبي وائل وإبراهيم .
انظر : " تهذيب التهذيب" (10/ 241)، "الثقات" لابن حبان (7/ 464).
والظاهر أنها محتملة هنا ؛ فعنعنة مغيرة عن أبي وائل وإبراهيم : مخرجة في الصحيحين ، في المرفوع ؛ والموقوف هنا لا شك أمره أسهل .
وأما الإسناد الثاني : فرجاله رجال الشيخين أيضا ، وأبو معاوية وإن كان قد تكلم فيه غير واحد ، لكن إنما تُكلم فيه في غير حديث الأعمش ، أما حديثه عن الأعمش خاصة فكان يحفظه جيدا ، وهو من أوثق أصحاب الأعمش ، قال وكيع : " ما أدركنا أحدا كان أعلم بأحاديث الأعمش من أبي معاوية ".
انظر "التهذيب" (9/ 121)
وقد خالف مغيرة الأعمش ، فرواه مغيرة عن أبي وائل – بمتابعة إبراهيم وهو النخعي – عن عمر ، ورواه الأعمش عن أبي وائل -وهو شقيق بن سلمة- عن عمرو بن شرحبيل عن عمر ، وحديث الأعمش أصح .
وهو بكل حال صحيح عن عمر ، سواء من حديث مغيرة أو من حديث الأعمش .
أما أثر الحسن بن علي ، ففي إسناده جحش وهو جحش بن زياد الضبي ، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 550) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذا ذكره البخاري في "التاريخ" (2/253) وقال : " روى عنه الثوري وأبو بكر ومحمد بن فضيل بن غزوان " انتهى .
وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/157)
فهو مجهول الحال ، وبعض أهل العلم يحسن حديث مثل هذا الراوي ، وخاصة في مثل هذه الموقوفات .
ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه ، فإن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة مأكولة ، وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية ، ففيها خلاف بين الفقهاء ، فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة ، وذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية أخرى عنه إلى طهارتها ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال في "الفتاوى" (21/ 103):
" وَالْأَظْهَرُ أَنَّ جُبْنَهُمْ – يعني المجوس - حَلَالٌ وَأَنَّ إنْفَحَةَ الْمَيْتَةِ وَلَبَنَهَا طَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا بِلَادَ الْعِرَاقِ أَكَلُوا جُبْنَ الْمَجُوسِ، وَكَانَ هَذَا ظَاهِرًا شَائِعًا بَيْنَهُمْ، وَمَا يُنْقَلُ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ " انتهى .
وينظر السؤال رقم : (2841)، (115306)
والله تعالى أعلم.