أشعر أن الإسلام ظلم المرأة، ولم يعطها حقوقها، فكيف يكون الإسلام كرَّم المرأة ، وهو لم يعطها في الميراث مثل الرجل، وجعل القوامة بيد الرجل، ولم يعطها حق الطلاق، وحرم عليها أن تكون حاكمة . أرجو مساعدتي فلا أريد أن أشك في الدين؟
الحمد لله.
أولا:
من لوازم الإيمان بالله تعالى أن يؤمن المسلم بكمال علم الله تعالى وحكمته وعدله فيما يخلق وفيما يأمر به من أمور الشرع، فلكمال ثقتنا بالله تعالى وبعدله وحكمته وعلمه لا نسأل عّما يفعل سبحانه.
قال الله تعالى:( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء /23 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة، ونعمة سابغة، ورحمة عامة وخاصة، وهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا لمجرد قدرته وقهره، بل لكمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته" انتهى من "مجموع الفتاوى" (8 / 79).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" الله سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا، ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا وهذا في مواضع لا تكاد تحصى ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها ... " انتهى من "شفاء العليل" (ص 190).
ولذا تفاضل أهل الإيمان في هذا الجانب، فكان أعلاهم درجة بعد الأنبياء هم الصدِّيقون وأولهم أبوبكر رضي الله عنه لكمال تصديقه بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى:
" اعلم أن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله، على التسليم ، وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع.
ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت بنبيها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ، ونهاها عنه ، وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت ، وسلمت ، وأذعنت، وما عرفت من الحكمة : عرفته، وما خفي عنها : لم تتوقف في انقيادها وتسليمها على معرفته، ولا جعلت ذلك من شأنها، وكان رسولها أعظم عندها من أن تسأله عن ذلك " انتهى من "شرح الطحاوية" (ص 261).
فإذا كان الشخص يقف أمام نصوص الوحي الصحيحة ، رافضا التصديق بها حتى توافق هواه ؛ فقد تخلف شرط صحة الإيمان من التصديق واليقين والقبول والانقياد.
قال الله تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي ولا قول، كما قال تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )، وفي الحديث: ( والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ).
ولهذا شدد في خلاف ذلك، فقال: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا )، كقوله تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 / 423).
فالنصيحة لمثلك أن تسارعي إلى التوبة من هذه الظنون، وعليك أن تلازمي الدعاء بالهداية والتثبيت.
راجعي للأهمية الجواب رقم : (9104).
ثانيا:
كل من فتحت قلبها لما جاء به الوحي ، ظهر لها بوضوح أن قضية المرأة في الإسلام تقوم على ثلاثة أصول واضحة ، اجتمعت عليها أدلة الشرع:
الأصل الأول: أن المرأة كالرجل في التكريم وحقوق الحياة.
فالمرأة داخلة في قوله تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الإسراء/70.
وقوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13.
ولها من الحقوق مثل ما للرجل فلها حق الاكتساب وحق التصرف في أموالها.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله، بالتبرع، والمعاوضة...
قوله تعالى: ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ). وهو ظاهر في فك الحجر عنهم، وإطلاقهم في التصرف...
ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشد، جاز له التصرف فيه من غير إذن كالغلام، ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها. فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه، كأختها " انتهى من "المغني" (6 / 602 - 604).
ولها حق اختيار الزوج ونحو هذا من الحقوق الشخصية.
عن أَبي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟
قَالَ: (أَنْ تَسْكُتَ) رواه البخاري (5136)، ومسلم (1419).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وأما تزويجها مع كراهتها للنكاح، فهذا مخالف للأصول والعقول، والله لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها، ولا على طعام أو شراب أو لباس لا تريده، فكيف يكرهها على مباضعة ومعاشرة من تكره مباضعته، ومعاشرة من تكره معاشرته؟! والله قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة، فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له، ونفورها عنه. فأي مودة ورحمة في ذلك؟ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32 / 25).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" لا تجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تُزوج إلا برضاها، وهذا قول جمهور السلف...، وهو القول الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمته " انتهى من "زاد المعاد" ( 5 / 88 ).
الأصل الثاني:
أن عليها من الواجبات مثل ما على الرجل ويرجى لها من الأجر على ذلك ما يرجى للرجل.
قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) النساء /124.
وقال الله تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل /97 .
وقال الله تعالى: ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ) آل عمران/195 .
ويجمع هذين الأصلين قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ) رواه أبو داود (236)، والترمذي (113)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 860).
قال الخطابي رحمه الله تعالى:
" وقوله: ( النساء شقائق الرجال )، أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وفيه من الفقه إثبات القياس ، والحاق حكم النظير بالنظير ، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا للنساء ، إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها " انتهى من "معالم السنن" (1 / 79).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فهو دليل على تساوي الشقيقين ، وتشابه القرينين ، وإعطاء أحدهما حكم الآخر " انتهى من "إعلام الموقعين" (2 / 343 - 344).
الأصل الثالث: أن المرأة لما اختصت به من الضعف، والبِنية الخاصة؛ فإن الشرع راعى هذا في أحكامه ، فخصها بحقوق وأحكام:
فخصها بمزيد المعروف والإحسان؛ فحث على الاحسان إلى الزوجات.
قال الله تعالى:( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" وقوله: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )، أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم، وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي )، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة؛ دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 / 242).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
" ثم قال: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته : المعروف من مثله لمثلها ، في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال.
( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) أي: ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. من ذلك امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.
ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة. وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك. وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة. وهذا كله : مع الإمكان في الإمساك ، وعدم المحذور " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 172).
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ ) رواه الترمذي (1162) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".
وجعل بر الأم مقدما على بر الأب، وجاء الحث على الإحسان إلى البنات والأخوات.
وفي المقابل نزعت منها بعض التكاليف، لعدم مناسبتها لطبعها، فأسقط عنها وجوب القتال، والصلاة والصوم زمن الحيض، ونزعت منها القوامة على الأسرة وتولي المناصب العامة.
والشرع وهو يخص الرجل بالولايات على المرأة ونحوها، بيّن أن هذا من باب الابتلاء والامتحان.
قال الله تعالى:( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام/165.
وأرشد إلى أن السبيل إلى الحصول على مزيد فضل الله تعالى لا يكون بالاعتراض على أحكامه ومزاحمة المرأة للرجل فيما خص به، وإنما يكون بسؤال الله تعالى من فضله فكرمه وجوده واسع، حيث قال تعالى:( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) النساء /32.
وما أشرت إليه في السؤال؛ إنما يُفهم على ضوء الأصول السابقة الذكر؛ فهي لا تعارض كرامة المرأة، وأنها كالرجل في التكريم والتكليف؛ وإنما خصت بأحكام تناسب خلقتها؛ وكل ما ذكر في السؤال لا يخرج عن هذا ، وإنما حرّف معناه أهل الشهوات والشبهات.
فأما قوامة الرجل على المرأة في الأسرة والقضاء والحكم ، ونحو هذا؛ فهو معقول المعنى ومصلحته ظاهرة ، ومفطور عليها البشر، فهذه القوامة ليس سببها اعتقاد نقص كرامة المرأة أو مهانتها معاذ الله، كيف يخطر هذا في قلب مسلم وهو يعتقد فضل الصحابيات وأمهات المؤمنين والصديقات والصالحات؟!
وإنما الحكمة المعقولة، أن هذه المسؤوليات تحتاج إلى قوة وعزم ، وكذا كثرة حركة وخروج ودخول واختلاط بالغير، وهذا كله مناف مع ما جبلت عليه المرأة من اللطف والعاطفة وكذا افتتان الناس بها إذا كثر دخولها وخروجها.
والرجل وإن أعطيت له القوامة على المرأة؛ فإنه أمر بحسن المعاملة، فعشرته لزوجته قائم على قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/90.
وتفضيل الرجل في الميراث، يفهم بربط هذا بباقي أحكام الإسلام ، فإنه جملة واحدة ، لا يمكن قبول بعضه ورد بعضه، فالذكر وإن أعطي ضعف الأنثى ، فقد كلف بالمهر ، والنفقة على زوجته وأولاده ، بما لم تكلف به المرأة.
ثالثا:
للأسف هذا التفكير انتشر بين طائفة من المنتسبات للإسلام؛ ومن أهم أسبابه هو عدم الالتزام بما أرشد إليه الوحي من الإعراض عن الشبهات ومروجيها، لكن حصل منهن العكس حيث أعرضن عن الوحي وأهل العلم، وفي الوقت ذاته فتحن آذانهن لأصحاب الشبهات من الكتاب والإعلاميين الذين لا علم لهم إلا إثارة المعاني المشتبهة والمثيرة للجدل، فكان حصاد هذا التفريط ضعف الإيمان وتمكن الشيطان ووساوسه من القلب.
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ... ).
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ ) رواه البخاري (4547)، ومسلم (2665).
ويحسن التنبه إلى أن مثيري الشبهات هؤلاء لن ينفعوا اتباعهم شيئا، فكل شخص سيأتي يوم القيامة فردا.
وهؤلاء المثيرون للشبهات سيتبرؤون من أتباعهم إذا أبصروا العذاب.
قال الله تعالى:( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) البقرة/166 - 167.
وقال تعالى: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ، يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) الفرقان/27 - 29.
فلتتصور المرأة هذا المشهد المهول، ولتنقذ نفسها من النار قبل فوات الأوان.
وأما إن كانت هذه الأفكار مجرد وساوس تهجم على القلب من غير إرادة صاحبتها؛ ومع كرهها لها؛ فهذه علاجها بالانصراف عنها والتعوذ بالله تعالى منها ولن تؤثر بإذن الله في الإيمان.
وينظر للأهمية جواب السؤال رقم : (248507)، ورقم : (210408)، ورقم : (150604) .
فتداركي نفسك يا أمة الله، وتوبي إلى الله توبة نصوحا ، وأكثري من ذكره ، وشكره على أن منَّ عليك بنعمة الإيمان، واحذري أن تسلبي أعظم نعمة منَّ الله عليك بها ، وأكثري من الصالحات، وأقبلي على كتاب الله تعالى ، فاقرئيه آناء الليل وأطراف النهار، وتفهمي معانيه ، ودعي عنك الوساوس، وهمزات الشياطين.
نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين الهداية إلى الحق والثبات عليه.
والله أعلم