الحمد لله.
أولا:
إذا كان العرف مطردا شائعا في بلدك أن ما يكتب ليس مهرا، وإنما هو أمر صوري، ولا يطالب به أحد، لا عند الطلاق، ولا عند الموت ، ولا غير ذلك، وأن المهر هو ما يقدم من ذهب وملابس ونحوها، فليس لزوجتك أن تطالبك بهذا المبلغ.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَأَعْطَاهَا الْمَهْرَ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ صَدَاقًا أَلْفَ دِينَارٍ ، وَشَرَطُوا عَلَيْهِ أَنَّنَا مَا نَأْخُذُ مِنْك شَيْئًا ، إلَّا عِنْدَنَا : هَذِهِ عَادَةٌ وَسُمْعَةٌ .
وَالْآنَ تُوُفِّيَ الزَّوْجُ ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ كِتَابَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ ، عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ؟
فَأَجَابَ:
إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ : لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ إلَّا مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ : فَلَا يَحِلُّ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ ، بَلْ يَجِبُ لَهَا مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ" انتهى من مجموع الفتاوى (32/ 199).
والمقرر عند أهل العلم : أن المعروف عرفا ، كالمشروط شرطا.
وإن كان العرف غير شائع ولا مضطرد، بل يفعله بعض الناس دون بعض، لزمك هذا المبلغ الذي سجل على أنه المهر؛ عملا بالأصل الذي لم يخالفه شرط ، ولا عرف يقوم مقامه.
ثانيا:
إذا أساءت المرأة لزوجها وآذته، أو نشزت عن طاعته، جاز أن يضيق عليها حتى تفتدي بمالها ، وتخالعه، أو تتنازل عن مهرها في سبيل الخلع؛ لقوله تعالى: ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19 .
والفاحشة المبينة: الزنا وعدم العفة، وسوء العشرة كالكلام الفاحش، وأذيتها لزوجها.
انظر: "تفسير السعدي" (ص 242) .
والله أعلم.