الحمد لله.
أولا:
صاحب المال يسأل عن ماله، من أين اكتسبه وفيم أنفقه، كما روى الترمذي (2416) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ ؟) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب
والترهيب " ( 126 ) .
وإذا كنت تملكين المال وتعطيين لزوجك التصرف، ولا ينفق شيئا إلا بإذنك، فأنت مسئولة عن هذا المال .
ويُسْأل هو أيضا من جهتين:
الأولى: عن أمانته ، واستقامته في تصرفه في مالك.
والثانية: عن إعانته لك على وجوه الصرف، فإن الدال على الخير كفاعله، والإعانة على المعصية محرمة، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُنْفِذُ- وَرُبَّمَا قَالَ يُعْطِي- مَا أُمِرَ بِهِ، فَيُعْطِيهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ - أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ . رواه البخاري (1438) ومسلم (1023) .
ثانيا:
الأصل أن ما تكسبينه من وظيفتك هو مالك، لا حق لزوجك فيه، إلا أن يكون قد سمح لك بالعمل مقابل شيء من راتبك .
فإن لم يكن قد اشترط عليك ذلك، صراحة : فلا حق له في المال.
وينظر : جواب السؤال رقم (126316) .
والأصل أن ما يقوم به من السعي على شؤونك وأوراقك : أنه تبرع منه وإحسان، ما لم تتفقا على كونه بمقابل.
ومن ذلك أيضا : رضاه بأن يتغرب معك ، ويقبل بعمل راتبه أقل .
ثم إنك أيضا تتحملين عبء الإنفاق على الأسرة ، أو تشاركين فيه بنصيب ، وهو واجب عليه ، في ماله هو .
لكن : إن طابت نفسك بإعطاء شيء لزوجك، أو تسجيل عقار باسمكما معا : فذلك إحسان ومعروف، ومن شأنه أن يطيب قلبه ، ويزيد المحبة بينكما . وقد قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
ثالثا:
إذا كان عملك خاليا من المحاذير الشرعية كالاختلاط بالرجال، وكان لا يؤدي إلى التقصير في عبادتك، ولا في حق زوجك وأولادك، وتستفيدين منه مالاً تعينين به زوجك، وأسرتك ، وتتصدقين منه : فالظاهر أن استمرارك فيه خير.
وإن كان يترتب عليه محاذير شرعية، وكان بإمكان زوجك أن يعولك وأولادك : فالأولى لك تركه، والقرار في بيتك، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وصيانة المرء في دينه، وقيامه بواجباته، مقدم على الصدقة .
والله أعلم.