الحمد لله.
هذا الكلام لا نعلم له أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم نجد أحدا من أهل العلم ذكره ، ولو بدون إسناد ، ولوائح الوضع عليه ظاهرة غير خفية ، وقد ذُكر هذا الكلام في كتاب منسوب للحافظ جلال الدين السيوطي ، واسمه "الرحمة في الطب والحكمة" فقال : " روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره بتمامه .
ولا نعلم للسيوطي كتابا بهذا الاسم ، ولا شك في أنه لغيره ، ممن لا عناية له بالعلم الشرعي ، لما وقع فيه من الأكاذيب والأباطيل والخرافات .
وقد قال ابن القيم رحمه الله :
" الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ، ومجازفات باردة ، تنادي على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى من"المنار المنيف" (ص 50) .
وقد ذكر رحمه الله أمورا كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا ، فذكر منها: أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي يوحى ، فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي بل لا يشبه كلام الصحابة .
راجع : "المنار المنيف" (ص 56- 62)
فلا يجوز أن ينسب هذا الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه من الكذب عليه ، وعلى جبريل عليه السلام ، وعلى الله تعالى ، وهذا من أعظم الكبائر الموبقة ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) الأنعام/ 93 ، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في "مقدمة الصحيح" (1/7) ، قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا ، وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ " انتهى .
ولو صح هذا الكلام لما كاد أحد أن يعاني من حفظ كتاب الله ، أو حفظ شيء من العلم ، ولعمل به المحدثون ورواة الأحاديث ، ولانتشر فيهم ، ولكثرت رواته ، ولسارت به الركبان ، ولأوصى به العلماء وطلبة العلم ، ولما لم يكن شيء من ذلك ، عُلم أنه كذب وزور .
وينظر لمعرفة الأسباب المعينة على قوة الحفظ ومقاومة النسيان ، جواب السؤال رقم : (3328)، (228933).
والله تعالى أعلم.