أعمل منذ مدة في مجال برمجة الحاسب الآلي في دولة غير مسلمة، وتلقيت عرضا للقيام بنفس العمل، ولكن بمستشفى للإخصاب، فلا أعلم ما بهذا النوع من المستشفيات في بلاد الغرب؟
الحمد لله.
يشترط لصحة الإجارة –ومنها العمل في سائر الوظائف والأعمال- أن يكون العمل مباحا، وألا يستعان به على المعصية.
قال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين"(5/194): " يجوز الاستئجار لاستيفاء الحد والقصاص، ولنقل الميتة إلى المزبلة والخمر لتراق . ولا يجوز لنقل الخمر من بيت إلى بيت، ولا لسائر المنافع المحرمة، كالزمر والنياحة ، وكما يحرم أخذ الأجرة في هذا يحرم إعطاؤها" انتهى.
وفي معيار "إجارة الأشخاص" من المعايير الشرعية ص555: "يشترط في منفعة الشخص المعقود عليها: أن تكون معلومة علما نافيا للجهالة، وأن تكون مقدورة على أدائها، ومباحة شرعا" انتهى.
ولذا يلزمك السؤال عن هذا المستشفى وما يقوم به من أعمال، فإن الإخصاب يشمل صورا مباحة كالتلقيح من مني الزوج وبويضة المرأة، ويشمل صورا محرمة كإخصاب المرأة بمني رجل مجهول، أو الإخصاب بين غير المتزوجين، أو استئجار الأرحام، أو غير ذلك من المحرمات.
فإن كان الغالب على المستشفى هو الأعمال المباحة، والمحرم يسير عارض، فلا حرج في عمل البرمجة المتعلقة به، بشرط ألا تباشر شيئا من الحرام.
وإن كان الغالب هو الأعمال المحرمة، فلا يجوز العمل معه.
سئل الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله عن العمل في شركة تنتج " أجهزة كمبيوتر ضخمة وبرامج عالية القدرة ، أغلب المستفيدين من منتجات هذه الشركة هي مراكز بالغة الحساسية في بلدنا الإسلامي كالوزارات، والجامعات، والمستشفيات، والشركات المحلية الكبرى، والتي تتجاوز رؤوس أموالها مئات الملايين من الدولارات، المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة وهذه البرامج تستفيد منها البنوك الربوية في هذا البلد، والعمل في هذه الشركة لا يقتصر على البيع فقط، بل تشمل خدمات ما بعد البيع من أعمال الصيانة والمتابعة، وهناك أعمال كثيرة تتطلب الذهاب إلى هذه البنوك، ومقابلة المسؤولين، وأداء كثير من الأعمال في البنك نفسه وإصلاح الأعطال .
فأجاب:
"حكم العمل في هذه الشركة لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية، فشركة الكهرباء والاتصالات ونحوها يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك، والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية:
- إذا كان أصل نشاط الشركة محرماً - كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ونحو ذلك -، فهذه يحرم العمل فيها مطلقاً، ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه، لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية.
- أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحاً، لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة، ككثير من الشركات التجارية والصناعية والمطاعم ونحوها، فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل، ولو كان بعض نشاطها محرما بالضوابط الآتية:
أ- ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصاً لأمر محرم، أو يغلب استعماله فيه، أما إذا كان يصلح له ولغيره فلا بأس، فمثلاً لو كان البرنامج الذي تنتجه الشركة خاصاً بطريقة حساب الفائدة في البنوك فيحرم، أما لو كان برنامجاً لشئون الموظفين قد يستفيد منه بنك ، وقد تستفيد منه جهات أخرى فلا بأس بتصميمه.
ب- ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه ، فتقديم الخدمات وإجراء أعمال الصيانة للبنوك الربوية مثلاً عمل محرم، أياً كان نوع الخدمة أو الصيانة المقدمة؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، فيحرم على الإنسان أن يباشر ذلك العمل بنفسه، أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم فلا حرج عليه -إن شاء الله- في البقاء فيها.
وعلى هذا فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم، لندرة ذلك، أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه، فلا حرج عليك في الانتقال إليها.
والله أعلم انتهى.
والله أعلم.