الحمد لله.
قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 201): " لا يجوز التصرف في ملك الغير
بدون إذنه، سواء كان هذا التصرف مضرا بصاحب الملك أو غير مضر" انتهى.
وقال في مواهب الجليل (5/ 274) وهو يعرف التعدي على مال الغير : " الانتفاع بمال
الغير دون حق فيه، أو التصرف فيه بغير إذنه ، أو إذن قاض ، أو من يقوم مقامه
لفقدهما " انتهى.
لكن إذا غلب على الظن رضا صاحب الملك بذلك، فلا حرج في الانتفاع بملكه، كما يدل
عليه قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ
وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن
بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ
إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ
عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا
مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ) النور/61.
ويقوى جانب الرخصة في ذلك : إذا اعتاد أهل المكان اللعب في مثل هذه الأراضي ،
دون أن يمنع أصحابها من ذلك ؛ فإن الإذن العرفي ، في الإباحة ، أو التمليك : ينزل
منزلة الإذن اللفظي .
ينظر : "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو" (4/341) .
وأيضا : "القواعد النورانية" لشيخ الإسلام (167) ، "القواعد" لابن رجب (3/453) ، "إعلام
الموقعين" (4/316) ، "قواعد الأحكام" للعز ابن عبد السلام (2/126) وما بعدها .
ومثل ذلك أيضا : ما لو كان صاحب الأرض المعينة ، يعلم بلعب الناس ، أو جلوسهم في
أرضه ، أو ارتفاقهم بها ، ثم لم يمنع أحدا من ذلك ، ولم يجعل عليها سورا ، يمنع
ارتفاق الناس بها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فإن الإذن : تارة يكون بالقول ، وتارة بالفعل ، وتارة بالإقرار على ذلك .
فالثلاث في هذا الباب سواء ، كما في إباحة المالك في أكل طعامه ، ونحو ذلك .
بل لو عرف أنه راض بذلك ، بدون أن يصدر منه قول ظاهر ، أو فعل ظاهر ، أو إقرار .
فرضا من يعتبر إذنه : بمنزلة إذنه الدال على ذلك ...
فإن الإذن العرفي عندنا : كاللفظي . والرضا الخاص : كالإذن العام .
فيجوز للإنسان أن يأكل طعام من يعلم رضاه بذلك ، لما بينهما من المودة .
وهذا أصل في الإباحة والوكالة والولايات" . انتهى، من "الاختيارات" للبعلي (454) .
والله أعلم.