الحمد لله.
" لا يجوزُ لمسلمٍ يرعىٰ الأمانة ويُبغضُ الخيانةَ أن يُسجِّل كلام المتكلِّم دون إذنه ، وعلمه ، مهما يكن نوع الكلام : دينياً ، أو دنيوياً ، كفتوىٰ ، أو مُباحثة علميَّة ، أو ماليَّة ، وما جرىٰ مجرىٰ ذلك.
وقد ثبت من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا حدَّث الرَّجُلُ الرَّجُلَ فالتفت، فهي أمانةٌ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
ومعنىٰ: (الْتَفَتَ): أي: ظهر من حال المتكلم بالقرائن : حَذَرُهُ بالتفاته يميناً وشمالاً ، أن لا يَسمع حديثَهُ أحدٌ ، فتكون الكلمة التي حدَّثك صاحبك بها أمانة عند المحدَّث أودعه إيَّاها ، فإن حدَّث بها غيره ، فقد خالف أمرَ اللهِ ؛ حيث أَدَّىٰ الأمانة إلى غير أهلها ، فيكون من الظَّالمين ، فيجب عليه كتمها ؛ إذ التفاته بمنزلة اسْتِكْتَامِهِ بالنُّطق ، قالوا : وهذا من جوامع الكلم ؛ لِمَا في هذا اللَّفظ الوجيز من الحمل على آداب العشرة ، وحسن الصُّحبة ، وكتم السِّر ، وحفظ الوُدِّ ، والتحذير من النَّميمةِ بين الإخوان المؤدِّية للشنآن ما لا يخفىٰ...
قال الرَّاغب: السِّرُّ ضربان:
أحدهما : ما يُلقي الإنسان من حديثٍ يُستَكتم ، وذلك إمَّا لفظاً ، كقولك لغيرك : اكتم ما أقول لك، وإمَّا حالاً : وهو أن يتحرَّىٰ القائل حال انفراده فيما يورده ، أو خفض صوته ، أو يخفيه عن مُجالِسِهِ ، وهو المُراد في هذا الحديث. انتهىٰ.
فإذا سجَّلت مكالمته دون إذنه وعلمه ، فهذا مكرٌ وخديعةٌ وخيانةٌ للأمانة.
وإذا نشرت هذه المكالمة للآخرين ، فهي زيادةٌ في التَّخَوُّنِ وهتـكٌ للأمانة ...
والخُلاصةُ : أنَّ تسجيل المُكالمة -هاتفيَّة أو غير هاتفيَّة- دون علم المُتكلِّمِ وإذنه : فجورٌ وخيانةٌ وجُرْحةٌ في العدالة ". انتهى من "أدب الهاتف" للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى ص 28.
وقد عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فأفاد :
" ليس لهم أن يسجلوا دون إذنه وعلمه ".
والله أعلم