ما حكم بيع وشراء القطط؟

04-12-2024

السؤال 271520

أريد أن أعرف حكم شراء قطة، وتربيتها كحيوان أليف، حيث لم أتمكن من الحصول على قطة كهدية، أو من خلال التبني، ولا يوجد عندنا قطط شوارع، والنوع الذي أريده من القطط لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال الشراء كوني أعيش في دولة غربية.

ملخص الجواب:

لا بأس باتخاذ القطط في البيوت، وتربيتها والعناية بها، وقد كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يُعنى ببعض القطط حتى لُقِّب بها. والذي عليه عامة العلماء ومنهم المذاهب الأربعة إباحة شراء القطط الأليفة وبيعها.

الجواب

الحمد لله.

حكم تربية القطط 

لا بأس باتخاذ القطط في البيوت، وتربيتها والعناية بها ، وقد كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه  يُعنى ببعض القطط حتى لُقِّب بها.

عن عبد الله بن رافع، قال: قلت لأبي هريرة: لم كُنِّيت أبا هريرة؟

قال: “كنت أرعى غنم أهلي، فكانت لي هريرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة، فإذا كان النهار ذهبت بها معي، فلعبت بها، فكنوني أبا هريرة”. رواه الترمذي (3840)، وحسنه الحافظ في الإصابة (13/30).

قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن اتخاذ الهر مباح “. انتهى من “الأوسط”  (10/27).

حكم شراء القطط

الذي عليه عامة العلماء – ومنهم المذاهب الأربعة إباحة شراء القطط الأليفة وبيعها.

قال الإمام النووي: ” بَيْعُ الْهِرَّةِ الْأَهْلِيَّةِ: جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا.. وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.. وَرَخَّصَ فِي بَيْعِهِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، والحكم، وحمَّاد، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، واسحق، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ”.  انتهى من “المجموع شرح المهذب” (9/229).

وقال أيضا: ” فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْفَعُ، وَبَاعَهُ: صَحَّ الْبَيْعُ، وَكَانَ ثَمَنُهُ حَلَالًا.

هَذَا مَذْهَبُنَا، وَمَذْهَبُ العلماء كافة. إلا ما حكى ابن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ “. انتهى من “شرح صحيح مسلم” (10/233).

واستدلوا للجواز بما روى مسلم (2619) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا، أَوْ هِرٍّ، رَبَطَتْهَا؛ فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمْرِمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا.

قالوا: الأصل في اللام أنها للملك، أي قوله: ( هرة لها)، وما كان مملوكا منتفعا به، جاز بيعه. ينظر: ” كشاف القناع ” (3/ 153).

واستدلوا على ذلك بما رواه الإمام مسلم في صحيحه (1569) من طريق مَعْقِل عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا، عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ؟

قَالَ: (زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ).

والسنور: هو الهر ( القط).

وهو الصواب، لصحة الحديث بذلك، وعدم ما يعارضه؛ فوجب القول به ” انتهى.

وقال ابن المنذر: “إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيعه: فبيعه باطل، وإلا؛ فجائز” انتهى من “المجموع” (9/269).

وقد أجاب جمهور العلماء عن هذا الحديث بثلاثة أجوبة:

قال ابن رجب: ” وهذا إنّما يُعرف عن ابن لهيعة عن أبي الزبير، وقد استنكر الإمامُ أحمد رواياتِ مَعْقِلٍ عن أبي الزبير، وقال: هي تشبه أحاديثَ ابنِ لهيعة، وقد تُتُبِّعِ ذلك، فوُجِدَ كما قاله أحمد رحمه الله”. انتهى من “جامع العلوم والحكم” ص 418.

قال الترمذي: ” هَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ، وَلاَ يَصِحُّ فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ”. انتهى من “سنن الترمذي” (2/ 568)

وقال أبو عوانة: ” فِي الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا نَهي عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ: فِيهَا نَظَرٌ فِي صِحَّتِهَا وَتَوْهِينِهَا”. انتهى من “المستخرج” (12/ 336)

وقال ابن عبد البر: ” كل ما أبيح اتخاذه والانتفاع به وفيه منفعة: فثمنه جائز في النظر؛ إلا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له، مما لا معارض له فيه، وليس في السنور شيء صحيح، وهو على أصل الإباحة “. انتهى من “التمهيد” (8/ 403)

قال الخطابي: ” إنما كُره.. لأنه كالوحشي الذي لا يُملك قياده، ولا يصح التسليم فيه، وذلك لأنه ينتاب الناس في دورهم ويطوف عليهم فيها، ثم يكاد ينقطع عنهم، وليس كالدواب التي تربط على الأوادي، ولا كالطير الذي يحبس في الأقفاص، وقد يتوحش بعد الأنوسة ويتأبد حتى لا يقرب ولا يقدر عليه. فإن صار المشتري له إلى أن يحبسه في بيته أو يشده في خيط أو سلسلة لم ينتفع به”. انتهى من “معالم السنن” (3/130)

وقال الشيخ ابن عثيمين: ” اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أجازه، وحمل الحديث الذي فيه النهي على هرٍّ لا فائدة منه؛ لأن أكثر الهررة معتدٍ، لكن إذا وجدنا هرًّا مربى ينتفع به فالقول بجواز بيعه ظاهر؛ لأن فيه نفعاً “. انتهى من “الشرح الممتع” (8/ 114).

قال الدميري في “حياة الحيوان” (1/ 577): ” وقيل: هو نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته كما هو الغالب”. انتهى

وقال ابن رجب رحمه الله: ” ومنهم من حمل النهي على ما لا نفع فيه كالبري ونحوه، ومنهم من قال: إنما نهى عن بيعها لأنه دناءة وقلة مروءة، لأنها متيسرة الوجود والحاجة إليها داعية، فهي مرافق الناس التي لا ضرر عليهم في بذل فضلها، فالشحُّ بذلك من أقبح الأخلاق الذميمة، فلذلك زجر عن أخد ثمنها ” انتهى من “جامع العلوم والحكم” ص 418.

والحاصل أن هناك شكًّا في صحة الحديث الوارد في النهي عن بيع السنور، ولو صح، فإنه يُحمل على المحامل التي ذكرها الجمهور، ومنها التنزيه، فكأن الشارع أراد أن يتسامح الناس في بذل القطط دون بيعها.

مع أننا ننبه هنا إلى خطأ ما يفعله كثير من الناس، ممن يعتنون باقتناء القطط ونحوها من الحيوانات، خطئهم في المبالغة بشرائها بأثمان باهظة، ثم التكلف الشديد في العناية بها، وطعامها، وعلاجها..، مما يخرج بالأمر عن حد التوسط والاعتدال، والنفقة اليسيرة المعقولة، إلى التكلف، والإسراف، والتبذير فيما ليس فيه كبير فائدة، وإضاعة المال في وجوه الباطل، والمباهاة والتفاخر، والعبث الباطل.

والله أعلم.

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب