هل ينال المسلم أجر قيام أكثر من ليلة في ليلة واحدة؟

04-09-2024

السؤال 275663

في حديث عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله)، وقد ثبت أيضاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رغب في صلاة التراويح جماعة، فقال : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ )، والسؤال: هل يكتب للشخص قيام أكثر من ليلة في ليلة واحدة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ورد في السنة أن الذي يصلى العشاء والفجر في جماعة: فكأنما قام الليل كله.

عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ، يَا ابْنَ أَخِي! سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:  مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ رواه مسلم (656).

وهذه الرواية فسرتها رواية الترمذي وأبي داود.

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ  رواه الترمذي (221) وقال: “حَدِيثُ عُثْمَانَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ”، ورواه أبو داود (555).

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

“وهذا يبين أن الرواية التي قبلها إنما أريد بها صلاة الصبح مع العشاء في الجماعة. ” انتهى. ” فتح الباري” (6/ 35 – 36).

ثانيا:

ورد أن الذي يصلي التراويح في رمضان مع الإمام ولا ينصرف من صلاته حتى ينصرف الإمام؛ فإنه يكتب له أجر قيام ليلة.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: “صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا، حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ رواه الترمذي (806) وقال: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ”، ورواه أبوداود (1375)، والنسائي (1605)، وابن ماجه (1327).

ثالثا:

تدل الأحاديث السابقة على أن المسلم قد يكتب له قيام أكثر من ليلة في ليلة واحدة، وفضل الله عز وجل على عباده واسع، وهذه ليلة القدر: تعدل ألف شهر، كما في كتاب الله عز وجل؛ فلا عجب أن يجمع الله على عبده هذين الفضلين؛ فخزائن الله ملأى، لا تغيضها نفقة، ولا يهلك على الله إلا هالك.

ولا ينبغي للمسلم أن يتكل على ذلك فيترك قيام الليل ، بل ينبغي أن يقوم من الليل ما تيسر له ، حتى يكتب له من الأجر أكثر وأكثر .

قال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى :

” ويحسن هنا أن أنبه على أمر، ألا وهو أن حديث عثمان المتقدم وإن كان فيه بيان الفضل العظيم والأجر الجزيل لمن أدى صلاة العشاء والفجر في جماعة، لكن ينبغي للمسلم ألا يحط ذلك على التهاون بقيام الليل فإنها دأب الصالحين. والله قد ذكرها وجعلها من أهم خصال المؤمنين الذين فازوا بالجنان، ونالوا من ربهم الرضوان فقال سبحانه: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ).

وفي آخر آية من سورة المزمل حث على قيام الليل، وكان الخطاب موجها للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم أكمل الخلق وأحرصهم على صلاة الفرائض جماعة؛ فالمسلم ينبغي له الاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإن عائشة رضي الله عنها أخبرت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ربما قام الليل حتى تتفطر قدماه، وأيضا ينبغي للمسلم أن يكون مسابقا بالخيرات، منافسا في ميادين الطاعات والصالحات لأنها هي التي تقربه من رضوان الله وجنانه والله سبحانه يقول: ( لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ) ويقول سبحانه: ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )، ولا ينبغي للمؤمن أن يحرم نفسه الأجر والمغنم للذة نوم أو غفلة ساعة، فإن الدنيا مزرعة للمؤمن ينوع فيها الطاعات والقرب فيجني ثمارها أوفر ما كانت وأحسنها يوم القيامة ” انتهى. من “مجلة البحوث الإسلامية” (61 / 92 – 93).

والله أعلم.

قيام الليل
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب