ذكرتم في الفتوى رقم (49794 ) أقوال العلماء في شأن الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان ، فذكرتم القول الأول ، وأن عليهما القضاء فقط ، وأن هذا مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله . وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولكننا بحثنا مع إخواننا فلم نرَ شيئا عن ذلك ، فأين مصادر قول على بن أبى طالب رضي الله عنه ؟ وأين مصادر قول أبى حنيفة رحمه الله ؟
الحمد لله.
نقل هذا القول عن أبي حنيفة رحمه الله تلميذه محمد بن الحسن في كتابه " الحجة على أهل المدينة " (1/399) .
" قَالَ أبو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ، فِي امْرَأَة خَافت على وَلَدهَا ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصَّوْم فِي شهر رَمَضَان:
فلتفطر ، وَعَلَيْهَا الْقَضَاء ، وَلَا صَدَقَة عَلَيْهَا ، وإنما هَذَا مرض من الأمراض، فَلَيْسَتْ فِيهِ صَدَقَة " انتهى .
وليس هذا هو قول أبي حنيفة وحده، بل تبعه عليه تلامذته : أبو يوسف وزفر ومحمد بن الحسن .
قال الجصاص :
" قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : وإذا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا : فَإِنَّهُمَا تُفْطِرَانِ ، وَتَقْضِيَانِ ؛ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا " انتهى من "أحكام القرآن" (1/223) .
وأما النقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : فذكره جمع من أهل العلم ، ولم نقف عليه في الكتب المسندة التي بين أيدينا .
قال السرخسي :
" وإذا خافت الحامل ، أو المرضع على نفسها ، أو ولدها : أفطرت لقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله تعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم ، وعن الحامل والمرضع الصوم ) ؛ ولأنه يلحقها الحرج في نفسها أو ولدها ، والحرج عذر في الفطر كالمريض والمسافر ، وعليها القضاء ولا كفارة عليها ؛ لأنها ليست بجانية في الفطر ، ولا فدية عليها عندنا ...
ومذهبنا مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما " انتهى من "المبسوط" (3/99) ، ونحوه في بدائع الصنائع (2/97) ، وفي "أحكام القرآن" للجصاص (1/224) .
والله أعلم .