الحمد لله.
لا علاقة للأحلام أو الكوابيس المحزنة ، وكذلك الرؤى الطيبة بقراءة سورة الإنسان ، ولم يرد في ذلك شيء في الشرع ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ، وهذه الأمور مبناها على التوقيف ، لا على الاستحسان ، ومن زعم ذلك بلا دليل فقد قال على الله بلا علم .
وما يراه الإنسان في نومه أحد ثلاثة أشياء :
إما أنها رؤيا صالحة ، من المبشرات .
أو تحزين من الشيطان ، وهو الحلم ، وذلك حتى يلقي في قلب المؤمن الحزن .
أو من حديث النفس .
وفي ذلك حديث يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا ، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ". أخرجه مسلم (2263) .
وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن الطريقة المثلى للتعامل مع الكوابيس والأحلام المزعجة ، وهي أن يبصق أو يتفل عن يساره ثلاث مرات ، وليتعوذ بالله من شرها ، ولا يخبر بها أحدا .
روى البخاري (3292) ، ومسلم (2261) من حديث أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ " ، زاد مسلم :" وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا ".
فإن أراد المسلم أن يكمل نومه ، فليتحول عن جنبه الذي كان نائما عليه ، كما في حديث جابر رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" ِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا ، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا ، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ » . أخرجه مسلم 2262) .
وهذه الكوابيس من تلاعب الشيطان بالإنسان ، حتى يلقي فيه الحزن والوهن ، وقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ عَلَى أَثَرِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ: لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي مَنَامِكَ . أخرجه مسلم (2268) .
فإذا كان الأمر كذلك فنوصي من ابتلي بمثل ذلك بالمحافظة على ذكر الله ؛ فإنه الحصن الحصين من شرور الشياطين ، خاصة أذكار النوم .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته بقراءة أذكار النوم ، وهي مما يطرد الشيطان عن العبد عند نومه ، كقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ، والآيتيتن الأخيرتين من سورة البقرة ، وكذلك قراءة آية الكرسي .
فقد وصى بها الشيطان نفسه أبا هريرة رضي الله عنه بها في الحديث المشهور وقال له :" دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا ، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ) [البقرة: 255] ، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فلما قصّ أبو هريرة ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم قال له :" صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ". أخرجه البخاري (2311) .
والله أعلم .