الحمد لله.
أولا:
تجوز إعارة الكتب وكل ما ينتفع به مع بقاء عينه.
قال في كشاف القناع (4/ 62): " (والإعارة : إباحة نفعها بغير عوض) من المستعير أو غيره.
والإباحة : رفع الحرج عن تناول ما ليس مملوكا له.
(وهي) أي الإعارة (مندوب إليها) لأنها من البر والتقوى ، وقال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) [المائدة: 2] ، وقوله تعالى (ويمنعون الماعون) [الماعون: 7] . قال ابن عباس وابن مسعود: " هي العواري " . وقوله - صلى الله عليه وسلم - العارية مؤداة والمعنى شاهد بذلك فهي كهبة الأعيان.
(ويشترط كونها) أي العين المعارة (منتفعا بها مع بقاء عينها) ، كالدور والعبيد والثياب والدواب ونحوها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من أبي طلحة فرسا، ومن صفوان أدراعا ، وسئل عن حق الإبل؟ فقال : ( إعارة دلوها ، وإطراق فحلها ) ؛ فثبت ذلك في المنصوص عليه ، والباقي قياسا.
وخرج بذلك ما لا ينتفع به إلا مع تلف عينه كالأطعمة والأشربة" انتهى.
ثانيا:
إذا تأخر المستعير في رد العارية عن وقتها المحدد له بلا عذر، أثم بذلك.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا استعار الشخص أشياء ولم يردها في الوقت المحدد، أو إذا لم يردها وتساهل فيها، وأهلها يحتاجون إلى هذه العارية، فهل عليه إثم في ذلك؟ " .
فأجاب :
" إذا كانت مؤقتة يجب عليه أن يردها بعد انتهاء الوقت، ويأثم إذا ترك، إذا أعطوه مثلاً سيارة يومًا أو يومين عارية، يردها بعد المدة، أو أعطوه مثلاً حاجات أخرى يستفيد منها، يردها بعد الوقت الذي حددوه .
ولا يجوز له التساهل في هذا الشيء ، فإذا تساهل : ظلم .
وهذا من أسباب سوء الحال بين الجيران وبين الأصحاب .
وإذا تعدى على العارية : ضمنها .
المقصود : أن عليه أن يعتني بالعارية، وأن يصونها، وأن يردها في الوقت المحدد، وإذا كان ما حدد الوقت إذا قضى حاجته بادر بردها" انتهى من فتاوى نور على الدرب (19/ 303).
وأما فرض غرامة على من تأخر في إرجاع الكتاب: فيحق للمعير أن يأخذ مثل أجرة الانتفاع بالكتاب ، إذا لم يرد المستعير العارية في وقتها.
قال في كشاف القناع (4/ 68): " (ويجوز أن يستعير دابة ليركبها إلى موضع معلوم ، فإن جاوزه : فقد تعدى) ؛ لأنه بغير إذن المالك. (وعليه أجرة المثل للزائد)" انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " في بعض المساجد إعارة الكتب؛ بشرط أن من يتأخر في إرجاع هذه الكتب عن المدة المحددة يدفع عن كل يوم غرامة معينة من المال ، تنفق على المسجد، أو لمصلحة المسجد، هل يجوز هذا يا سماحة الشيخ؟
ج: نعم؛ لأن هذا من باب الإجارة، إذا تأخر فقد استمر بالأجر ، أجرة المثل ، يعني استمتاعه بالكتاب عن المدة المحددة، ولا أعلم في هذا بأسا لحث الناس على القيام بالشروط والوفاء بها، وعدم التساهل ببقائها عند المستعير، فإذا حجز خمسة أيام أو ستة أيام أو غيرها، وزاد فعليه كذا وكذا عن تأخير الكتاب، لا حرج إن شاء الله في هذا، والمصلحة كبيرة" انتهى من فتاوى نور على الدرب (11/ 296).
والتقييد بأجرة المثل : إذا لم تكن غرامة التأخير متفقا عليها ، من أول الأمر .
فإذا كانت الغرامة متفقا عليها ، عن كل يوم من التأخير كذا = جاز ، ولو كان أكثر ، أو أقل من أجرة المثل ، ما داما قد تراضيا عليه من أول الأمر ، ودخل المستعير في الأمر على بينة.
والله أعلم.