الحمد لله.
لا يجوز كهربة الباب لمنع السارق من الدخول إلى البيت ؛ لأن هذا التصرف يشتمل على جملة من المفاسد والمخاطر :
المفسدة الأولى: أن هذا التصرف فيه تعريض لأهل البيت أنفسهم ؛ فربما نسي وغفل أحدهم ففتح الباب وهو متصل بالكهرباء .
وفيه أيضا : تعريض الأبرياء ، من الجيران أو الزوار أو الضيوف أو حتى المارة والطارقين للضرر والهلاك؛ ؛ فربما لمس أحدهم مكان الكهرباء جهلا بوجودها ، أو نسيانا !!
عَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قالَ : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم (2 / 57 - 58) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 498).
فلا يصح أن يزال الضرر بضرر مثله ، أو أعلى منه؛ ولا يدفع الضرر المحتمل على المال بضرر محتمل ، منتشرعلى الأنفس.
وقد نقل أن رجلا كهرب باب بيته ، لحماية البيت من اللصوص ، فتسبب ذلك في قتل أحد الأطفال المارين في الشارع .
المفسدة الثانية: السارق يُدفع بالأخف فالأخف ؛ ولا يدفع بدايةً بما يقتله ؛ لأن قتله جاز للضرورة فيقدر بقدرها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" ولكن قال العلماء: يجب أن يدافع الصائل بما هو أسهل فأسهل، فمثلاً: إذا كان يمكن أن يدافعه بالتهديد ويقول: سوف أرفع بك إلى ولي الأمر إذا لم تنته ، فلا حاجة إلى ضرب ولا غيره، وإذا لم ينفع به هذا ، وأمكن للمصول عليه أن يوثقه ويدفعه : فإنه لا يحتاج للضرب . وإذا لم يمكن الاندفاع بذلك ، واندفع بالضرب فليضربه، فإن لم يندفع بالضرب وأراد أن يقتل المصول عليه : فله أن يقتله .
إلا في مسألة واحدة إذا خاف أن يبادره بالقتل ، فله أن يبادره بالقتل ... " .
انتهى من "شرح بلوغ المرام" (4 / 429).
وعلى ذلك : فلا يجوز أن يُبتدأ السارق بالقتل ، لمجرد دفع سرقته .
المفسدة الثالثة: أن السارق لو مات في هذه الحال؛ فإنه يصعب إقامة البيّنة على أنه أراد السرقة، فيكون صاحب البيت قد قتل شخص بلا بيّنة ، فيعرض نفسه للعقوبة .
وهذه الصورة تختلف عن الصورة الواردة في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟
قَالَ: (فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ) .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟
قَالَ: (قَاتِلْهُ) .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟
قَالَ: (فَأَنْتَ شَهِيدٌ).
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: (هُوَ فِي النَّارِ) " رواه مسلم (140).
فالقاتل في الحديث قد تيقّن من أن المقتول معتد وصائل على ماله ، ولم يستطع دفعه عن ماله ونفسه إلا بالقتال.
وفي مقابل هذه المفاسد ؛ فإن هذه الطريقة لا توفر الحماية المطلوبة لأهل البيت ، لأنه مع انتشار الكلام على هذه الطريقة ، وعمل البعض بها فعلًا ، فإن السارق سوف يحتاط لنفسه ، ويحتال لتفادي الكهرباء ، كما فعلوا مع أجهزة الإنذار والكاميرات .
وبالتالي ستكون هذه الطريقة غير مجدية ، مع ما فيها من احتمال قتل الأبرياء .
فيتضح مما سبق أن جانب المفسدة في هذا التصرف هو الأغلب ؛ فلذا على المسلم أن يجتنبه ولا يعرض حياته وحياة أهل بيته وجيرانه إلى الضرر.
فعلى صاحب البيت أن يبحث عن وسيلة أخرى لحماية بيته من السراق ، ككلب الحراسة ، إن كان ذلك ممكنا مجديا ، أو غير ذلك من الوسائل الملائمة في مكانه .
راجع جواب السؤال رقم : (33668).
والله أعلم.