الحمد لله.
أولا:
صلاة الجماعة في المسجد واجبة على كل رجل بالغ مستطيع يسمع النداء، على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم : (120) ، ورقم : (8918) .
والمقصود بسماع النداء: أن يسمع الإنسان الأذان بالصوت المعتاد ، من غير مكبرٍ للصوت، مع رفع المؤذن صوته، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع.
وعليه ؛ فإذا كان المسجد قريبا بحيث يمكن سماع النداء منه ، عادة ؛ وجب على زوجك حضور الجماعة فيه.
وإعانتك على تربية الطفل أو مراقبته : ليست عذرا في ترك الجماعة، بل لا تترك الجماعة لهذا حتى لو قلنا إنها غير واجبة.
وما زال الناس عندهم الأطفال في بيوتهم ، شأنهم شأن أطفالك ؛ ولم يقل أحد قط إن العناية بالطفل ، أو إعانة الزوجة على شأنها : عذر للتخلف عن صلاة الجماعة .
وهل يبقى الرجل في بيته ويدع أعماله ووظيفته ، ومصالح دنياه ، لمراقبة طفله؟!
ثانيا:
وجود بعض البدع في المسجد لا يسقط وجوب الجماعة، وينبغي أن يُناصح الإمام في ذلك ، إن كان هو من يقع في شيء من البدع . أو يعان الإمام على توعية الناس بها ، ونصيحتهم فيها : إن كان فيهم من يفعل شيئا من ذلك .
وينظر جواب السؤال رقم : (108506) .
وإذا وجد مسجد خال من البدع انتقل إليه.
قال ابن رجب رحمه الله: "والثاني: أن يكون العذر مانعاً من الصلاة في المسجد كبدعة إمامه ونحوه، فيجوز الخروج منه - أيضا - للصلاة في غيره، كما فعل ابن عمر - رضي الله عنه.
روى أبو داود من حديث أبي يحيى القتات، عن مجاهد، قال: كنت مع ابن عمر، فثوب رجل في الظهر او العصر، فقال: اخرج بنا؛ فإن هذه بدعة" انتهى من "فتح الباري" (5/ 425).
ثالثا:
للزوج أن ينتقل بزوجته حيث يشاء، ويلزمها متابعته ، ما دام المكان آمنا ، ولم تكن قد اشترطت عليه في عقد النكاح – صراحة - ألا يخرجها من بيت أبيها.
وخروجك من بيت والديك لا يعتبر عقوقا، ولا يلزمك طاعتهما لو طلبا بقاءك، لأن زوجك أحق بالطاعة .
قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : " طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها " انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (3/47).
وقال في "الإنصاف" (8/362) : " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ، ولا زيارةٍ ونحوها، بل طاعة زوجها أحق " انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (5/ 187): " (و) للزوج ... السفر (بها) أي بزوجته لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون بنسائهم ، (إلا أن يكون السفر مخوفا) ، بأن كان الطريق أو البلد الذي يريده مخوفا ، فليس له السفر بها بلا إذنها لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) (أو شرطت بلدها) ، فلها شرطها لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج) " انتهى.
فكوني مع زوجك، وانتقلي معه إلى حيث يسكنك ، فهو حقه عليك ، وهو خير لكما إن شاء الله؛ ثم اجتهدي في أن تبري والديك بالزيارة والصلة ونحو ذلك .
والله أعلم.