الحمد لله.
اللقطة إن كانت يسيرة، وهي ما لا تتبعه همة أوساط الناس ، فإنه يجوز التقطاها دون تعريف.
وأما غيرها، فإنه يجب تعريفها حولا كاملا، ولا تملك إلا بذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله ": "اليسير الذي لا تتبعه النفس، كالتمرة والكسرة والخرقة، وما لا خطر له: فإنه لا بأس بأخذه، والانتفاع به، من غير تعريف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها، بل قال له: لو لم تأتها لأتتك . ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرة فقال: لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة، لأكلتها.
ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاوس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وليس عن أحمد وأكثر من ذكرنا تحديد اليسير الذي يباح.
وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق، وهو ربع دينار عند مالك، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة؛ لأن ما دون ذلك تافه، فلا يجب تعريفه، كالكسرة والتمرة" انتهى من "المغني" (6/ 76).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقوله: تتبعه همة أوساط الناس الذي تتبعه همة أوساط الناس يختلف باختلاف الأحوال والأماكن والأزمان، فيما سبق الدرهم الواحد تتبعه همة أوساط الناس؛ لأنه يحصل به شيء كثير، يعني يمكن أن الدرهم الواحد يشتري به الإنسان شاة ويشتري به ـ أيضاً ـ حباً يطبخه ويكفي ضَيْفَه.
والآن ـ والحمد لله ـ الدرهم لا يهتم به أحد، وكذا خمسة دراهم، وكذا عشرة، والخمسون يهتم بها أوساط الناس، إذاً يقدر هذا بحسب الأحوال، والأحوال يختلف فيها الناس.
لكن لو قال قائل: لعل هذا الذي لا تتبعه همة أوساط الناس تتبعه همة فاقِدِهِ؟
فيقال: العبرة بالأغلب، يعني رب قلم لا يساوي درهماً، وعند صاحبه يساوي مائة درهم؛ لأنه تعوَّد عليه وكتابته به سهلة وجميلة، وهذا شيء مشاهد، بعض الأشياء تكون عند صاحبها غالية، وعند الناس ليست غالية، فيقال: العبرة بالأغلب" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 363).
وعليه :
فإن كان الطائر زهيد الثمن، لا يهتم أوساط الناس بالبحث عنه عند فقده، فلا شيء عليك في أخذه والانتفاع به بتربيته أو ببيعه.
وإن كان ذا قيمة، وتتبعه همة أوساط الناس، فقد أخطأت في أخذه دون تعريف، والواجب عليك أن تتصدق به إن كان موجودا ، أو بقيمته على نية صاحبه.
فتنظر كم قيمة الطيور عند التقاطك لها، وتتصدق بهذه القيمة.
قال ابن رشد رحمه الله: "هو مخير إن شاء تصدق بها ، بعينها ، على مسكين واحد أو على مساكين تكون بينهم، وإن شاء باعها فتصدق بثمنها" انتهى من "البيان والتحصيل" (15/368).
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (270735) .
والله أعلم .