من المعلوم أن مسائل البيع والشراء من المسائل المرتبطة بالشرع، وعلى هذا سؤالي متعلق بفقه البيع والشراء، نحن نعمل في مكتب للعقارات والخدمات الأخرى، وبدأنا مؤخرا ببيع تذاكر الطيران، امتلكنا وكالة من شركة طيران حيث نبيع تذاكرهم، ونأخذ نسبة على كل تذكرة من الشركة، وليس من الزبون، لكن بعض الأحيان نضطر لشراء تذاكر طيران لشركات لا نملك وكالة منها من الإنترنت عن طريق بطاقات البنك الإلكترونية، أو ما تسمى الفيزا كارد، فنعرض للزبون سعر التذكرة بعد إضافة نسبة عليها تقدر ١٠ بالمائة، وبعض الأحيان أقل أو أكثر، مثال على ذلك سعرها ب١٠٠ دينار، فنعرضها للزبون ب١١٠ دينار دون إعلام الزبون بذلك، وهذا متعارف عليه في المكاتب هنا، حيث يقومون بعرض ثم بيع التذاكر دون إعلام الزبون بالسعر الأصلي، وبعض المكاتب ترفع النسبة إلى ١٥ وربما أكثر أو أقل. فالسؤال هنا: هل من الجائز إضافة نسبة على سعر التذكرة قبل شرائها دون إعلام الزبون بذلك، بحكم أتعاب المكتب، ونقل الأموال إلى البنك، واختلاف أسعار التداول إلى آخره من الأتعاب؟
الحمد لله.
لا حرج في بيعكم تذاكر شركات الطيران الأخرى التي لستم وكلاء عنها، إذا تم ذلك وفق صيغة من الصيغ التالية:
1-أن يكون شراؤكم للتذاكر سابقا على بيعكم لها للزبائن؛ ولا يلزمكم حينئذ إعلام الزبون بثمن التذكرة عند الشركة؛ لأن هذا من بيع المساومة، فيصح بما تتراضون عليه من الثمن.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/ 9): "بيع المساومة: وهو البيع الذي لا يظهر فيه البائع رأس ماله" انتهى.
ويشترط أن تكونوا مالكين للتذاكر قبل بيعها؛ لأنه لا يصح بيع الإنسان ما لا يملك؛ لما روى النسائي (4613)، وأبو داود (3503)، والترمذي (1232) عن حكيم بن حزام قال: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي ؛ أَبِيعُهُ مِنْهُ ، ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ؟ قَالَ: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ والحديث صححه الألباني في "صحيح النسائي".
2-أن لا تكون التذاكر مملوكة لكم عند البيع، وإنما يتم شراؤها بعد إبداء الزبون الرغبة فيها، وهذه يمكن أن تباع بثلاث طرق:
الأولى: أن تبادروا إلى شراء التذكرة، قبل أن تتفقوا مع الزبون على الشراء، أو على تعقدوا معه بيعا على سعر محدد؛ فإذا دخلت في حسابكم، قمتم ببيعها على الزبون مساومة، أي بالسعر الذي تتفقون عليه، ولا يلزمكم إخباره بالثمن الذي اشتريتموها به.
الثانية: أن يتم وعد الزبون بشراء التذكرة ثم بيعها عليه مرابحة بعد تملككم لها، فيلزمكم إعلامه بالثمن الأصلي، وبقدر ربحكم؛ لأن بيع المرابحة من بيوع الأمانة، أي أنه يؤتمن البائع على ذكر الثمن الذي اشترى به، ويزيد عليه ربحا معلوما.
قال ابن قدامة رحمه الله: "معنى بيع المرابحة، هو البيع برأس المال وربح معلوم.
ويشترط علمهما برأس المال، فيقول: رأس مالي فيه، أو هو علي بمائة؛ بعتك بها وربحِ عشرة، فهذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة" انتهى من "المغني" (4/ 136).
الثالثة: أن تكونوا وكلاء عن الزبون في شراء ما يريد، مع تحديد عمولة لكم، وهي أجرة على الوكالة، ويلزم معرفة الزبون بها، وبالثمن الأصلي، وكل تخفيض ونحوه يعود إليه؛ لأنه المشتري، وأنتم وكلاء عنه.
والله أعلم.