الحمد لله.
أولاً :
الأولاد هبات من الله تعالى ، أنعم بها على الوالدين ، وأوجب تجاههم حقوقا كثيرة عظيمة ، تبدأ باختيار الاسم الحسن الذي سيحمله المولود فيما يستقبل من عمره .
قال الماوردي رحمه الله في كتابه "نصيحة الملوك" (ص167) : " فإذا ولد المولود ، فإن من أول كراماته له ، وبره به ، أن يُحَلِّيَه باسمٍ حسنٍ ، فإن للاسم الحسن موقعاً في النفوس، مع أول سماعه " انتهى باختصار .
والأصل في الأسماء: الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها : التعبيد لغير الله عز وجل ، والتسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى التي اختص بها نفسه ، والتسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها ، والتسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، وغير ذلك .
وينظر لمزيد من التفصيل حول آداب الأسماء جواب السؤال رقم : (7180).
ثانيا :
اسم : ( مِرْيام ) هو لفظ آخر لاسم : ( مَرْيَم ) ، ويبدو أنه استحدث قريبًا ، ليناسب بعض اللغات أو اللهجات .
و( مريم ) ، اسم أعجمي ، عبري الأصل ، ثم استعمله العرب ، وانتشر في نسائهم .
جاء في "المصباح المنير" (1/249): " مَرْيَمُ اسْمٌ أَعْجَمِيُّ ، وَوَزْنُهُ مَفْعَلٌ ، وَبِنَاؤُهُ قَلِيلٌ ، وَمِيمُهُ زَائِدَةٌ .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَصْلِيَّةً لَفَقْدِ فَعْيَلٍ فِي الْأَبْنِيَةِ الْعَرَبِيَّةِ .
وَنَقَلَ الصَّغَانِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ : مَرْيَمُ مَفْعَلُ ، مِنْ رَامَ يَرِيمُ .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا ." اهـ
ومعنى ( مريم ) في العبرية : العابدة ، والخادمة ؛ لأن أم مريم رضي الله عنهما نذرتها لخدمة بيت المقدس .
قال البغوي في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ) : " ومريم بلغتهم العابدة والخادمة " انتهى من "تفسير البغوي" (2/30).
وقال أبو حيان : " مريم في لغتهم معناه : العابدة ، أرادت بهذه التسمية التفاؤل لها بالخير ، والتقرب إلى الله تعالى ، والتضرّع إليه بأن يكون فعلها مطابقًا لاسمها ، وأن يصدق فيها ظنها بها " انتهى من "البحر المحيط" (3/118).
وبناء على ما سبق، من أن ( مريام ) لفظ آخر لاسم : ( مريم ) ، وأنه لا يحمل معنى سيئًا ، ولا يختص بالكفار دون غيرهم ؛ فلا حرج في التسمي به .
لكن يشترط لذلك : أن يكون التسمي بمثل ذلك معتادا بين المسلمين في بلادكم ، وألا يكون التسمي بهذا الاسم ، وبالكيفية المذكورة (مريام) : من خصائص الكفار ، أو فيه تشبه ظاهر بالكفار ، أو لأجل أن بعض أهل الفسق ، تسمى بذلك الاسم ، فقلده الناس في ذلك ، وكذلك يفعلون !!
ولا شك أن الذي ينبغي ، على كل حال ، لمن أراد أن يسمي ابنته ( مريم ) ، أن يكون ذلك على هيئة نطقه العربي ، ويكفي ذلك شرفا أنها تسيمة القرآن ، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا اعتاده العرب ، ونطقوه .
وينظر لمعرفة بعض الأسماء المستحسنة للإناث جواب السؤال رقم : (101401).
والله أعلم.