قرأت عدة فتاوى عن صفة تغطية المرأة المُحرمة لوجهها، وأقتبس من الفتوى رقم:(١٧٥٠١٨)، "وعلى هذا: فكيفما غطت المرأة وجهها وسترته: كان ذلك جائزا، بشرط ألا يكون بالنقاب وما يشبهه من الغطاء المفصل على قدر الوجه"، ولا يخفى عليكم في زماننا ازدحام الحرم، ووجود الرجال الأجانب، مما يحتم على المرأة تغطية وجهها أغلب الوقت، فهل لو اتخذت المرأة طَرْحَة -قماشا مستطيلا أعد لتلف به رأسها فتستر رقبتها وشعرها- وربطتها في أعلى رأسها، وأسدلتها على وجهها؛ فهل لو اتخذت ذلك من بأس؟ وما حكم ارتداء المُحرمةٍ للحجاب الذي يسميه البعض حجابا كويتيا، وهو قماش يخيط بحيث لا تحتاج المرأة أن تلف به راسها. بل تدخله كما تدخل القميص، ويبقى على رأسها يستر الشعر والرقبة، ولا يغطي الوجه، ويصل إلى أسفل الصدر أو أطول؛ به قطعة قماش أخرى تلقى على الرأس فتنسدل من أعلاه على وجهها فتغطيه؟
الحمد لله.
المرأة المحرمة تمنع من لبس ما هو مفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع؛ لما روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ. وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ. وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ .
قال ابن قدامة رحمه الله: " قال ابن المنذر : وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ، ولا نعلم أحداً خالف فيه ، وقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين" .
فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها؛ فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها ، روي ذلك عن عثمان وعائشة ، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن ، ولا نعلم فيه خلافاً ، وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أبو داود والأثرم "المغني" ( 3/154) .
وحديث عائشة صححه الألباني في رسالة جلباب المرأة.
وعليه؛ فلو اتخذت المرأة طَرْحَة تلف بها رأسها، وتربطها في أعلى رأسها، وتسدلها على وجهها عند وجود الأجانب، فلا بأس.
وكذلك ما ذكرت، مما ما يسميه البعض حجابا كويتيا، وبه قطعة قماش تلقى على الرأس فتنسدل من أعلاه على وجهها فتغطيه، فلا بأس به، ولو كان القماش متصلا بحجاب مفصل، فإن الممنوع هو المفصل للوجه، على قدره ، ولابسة الحجاب المذكور: لا يصدق عليها أن منتقبة.
والنقاب ما يبدو منه العين ومحجرها.
قال في "المطلع على أبواب المقنع" ص424: " النقاب بالكسر. قال أبو عبيد: النقاب عند العرب: الذي يبدو منه، مِحجر العين، ويقال: انتقبت المرأة، وإنها لحسنة النِّقبة بالكسر" انتهى.
والله أعلم.