الحمد لله.
الصلاة شأنها عظيم، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة؛ لقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ البقرة/43، وقوله: فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا النساء/103
وصلاة الجمعة آكد الصلوات، وقد جاء في تركها وعيد شديد، كما روى مسلم (865) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ .
وروى أبو داود (1052) ، والنسائي (1369) ، والترمذي (500) ، وابن ماجه (1125) عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وما ذكرت من عمل أخيك بالليل لا يسوغ له النوم عن الصلوات ، ولا عن الجمعة؛ فإنه يسعه أن ينام من الصباح إلى قرب وقتها، كما هو حال كثير من أمثاله.
فالواجب عليه أن يجتهد في اتخاذ الأسباب للقيام للصلوات، لا سيما الجمعة، وأن يحذر التهاون في ذلك، فإن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته.
روى أبو داود (864) ، والترمذي (413) ، والنسائي (467) ، وابن ماجه (1426) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ ، قَالَ: يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
ولا نرى أن يغير عمله، بل يجتهد في المحافظة على صلاته قدر استطاعته، فلو فرض أن غلبه النوم مرة ، فلم يستيقظ للصلاة –بعد اتخاذ الأسباب- : فهو معذور إن شاء الله.
وأما أن يكون ذلك هو حاله دائما ، أو عادته الغالبة: فلا شك أن في ذلك تفريطا وتهاونا ، يُسأل عنه ، ويُخشى عليه من مغبته ، وسوء عاقبته .
وينظر جواب السؤال رقم : (36784) .
ومن اتقى الله تعالى وأقبل عليه أعانه وسدده ويسر الله أمره، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ العنكبوت/69، وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً الطلاق/4
والله أعلم.