الحمد لله.
أولا:
لا تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالأموات، ويدعوهم من دون الله تعالى، كما سبق بيانه في أجوبة عديدة، منها جواب السؤال رقم : (93150) ، ورقم : (193896) ، ورقم : (152457) .
ثانيا:
إذا دخل الإنسان المسجد، وتقدم للإمامة من لا يصلح لها، وخشي فتنة باعتراضه أو خروجه، جاز أن يصلي لنفسه منفردا ويوافق الإمام في الركوع والسجود والقيام والقعود.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"فصل: وإذا أقيمت الصلاة والإنسان في المسجد، والإمام ممن لا يصلح للإمامة، فإن شاء صلى خلفه ، وأعاد.
وإن نوى الصلاة وحده، ووافق الإمام في الركوع والسجود والقيام والقعود : فصلاته صحيحة؛ لأنه أتى بأفعال الصلاة وشروطها على الكمال، فلا تفسد بموافقته غيره في الأفعال، كما لو لم يقصد الموافقة.
وروي عن أحمد أنه يعيد. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: الرجل يكون في المسجد، فتقام الصلاة، ويكون الرجل الذي يصلي بهم لا يرى الصلاة خلفه، ويكره الخروج من المسجد بعد النداء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يصنع؟
قال: إن خرج كان في ذلك شنعة، ولكن يصلي معه، ويعيد .
وإن شاء أن يصلي بصلاته، ويكون يصلي لنفسه، ثم يكبر لنفسه ويركع لنفسه، ويسجد لنفسه، ولا يبالي أن يكون سجوده مع سجوده، وتكبيره مع تكبيره.
قلت: فإن فعل هذا لنفسه أيعيد؟ قال: نعم.
قلت: فكيف يعيد، وقد جاء أن الصلاة هي الأولى، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا صلاتكم معهم سبحة ؟
قال: إنما ذاك إذا صلى وحده، فنوى الفرض، أما إذا صلى معه ، وهو ينوي أن لا يعتد بها: فليس هذا مثل هذا.
فقد نص على الإعادة، ولكن تعليله إفسادها بكونه نوى أن لا يعتد بها : يدل على صحتها وإجزائها إذا نوى الاعتداد بها، وهو الصحيح ، لما ذكرنا أولا" انتهى من "المغني" (2/ 142).
وما ذكره الإمام أحمد وغيره ، هو ما أسميته بالتظاهر بالصلاة، وقد تبين أنه على نوعين:
1-أن ينوي الفرض ، وينوي الاعتداد بالصلاة [ يعني : في نيته أن هذه الصلاة هي الفريضة له ، وليس في نيته أن يصلي مرة أخرى ] .
2-أن ينوي ألا يعتد بها.
وكلاهما جائز، لكنه يعيد الصلاة في الصورة الثانية ، على ما ذكره الإمام أحمد ، ولا يعيد في الصورة الأولى .
والله أعلم.