الحمد لله.
أولا:
لا يجوز استعمال الإنترنت الخاص بالغير دون إذن ؛ لما في ذلك من العدوان على حقه، وماله، وما يؤدي إليه من إبطاء لسرعته، وغير ذلك من المفاسد.
وهذا كالأمتعة والأدوات التي يشتريها بماله، لا يجوز لأحد أن يستعملها إلا بإذنه، إلا إذا علم أنه تطيب نفسه بذلك، وهذا مستبعد في حال إغلاق الإنسان شبكته ، واتخاذ كلمة مرور لدخولها.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67) ، ومسلم (1679).
وقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
فكل اعتداء على مال الغير أو منافعه يدخل في هذا.
قال في مواهب الجليل (5/ 274): " الغصب في لسان العرب : منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه، من شخص ، أو مال ، أو منافع .
وكذلك التعدي سرا أو جهرا أو اختلاسا أو سرقة أو جناية أو قهرا .
غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات ، بغير رضا أربابها ، وغير ما يجب، على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة.
واستعمل المتعدي ، عرفا ، في التعدي على عينها ، أو منافعها " انتهى.
ثانيا:
من وقع في شيء من هذا فعليه أن يتحلل من صاحبه، أو يقدّر تكلفة الاستعمال، على الوجه الذي حصل منه ، ويوصلها إليه، ولو دون علمه، وعليه الاحتياط في التقدير لتبرأ ذمته.
ثالثا:
لا أثر لذلك على ما تحصلت عليه من علم أو شهادة ، عبر استعمال هذا الإنترنت، فعلمك لك، وينبغي أن تنشريه ما دام نافعا، ولا حرج في العمل بالشهادة، فإن الشهادة إنما تعطى بناء على الدراسة وقد قمت بها.
ولا يلزمك ترك وظيفتك، ولا إغلاق حساباتك ، ولا مواقعك ؛ إنما الذي يلزمك أن تمتنعي عن العدوان على حقوق غيرك ، واستخدام الأنترنت الخاص بهم ، أو العدوان على شيء من حقوقهم.
وعلاج ذلك يسير، وهو التوبة، والتحلل من أخويك ومن زوجة عمك، أو رد الحق إليهم ولو دون علمهم كما تقدم، فإن لم تفعلي لم تتم توبتك، لكن لك الانتفاع بشهادتك وعلمك ووظيفتك ومواقعك، كما تقدم.
والظاهر أن الوسوسة قد بلغت منك مبلغا ، فاحذري من المبالغة في ذلك الباب ، والاستغراق في الوساوس ؛ فإن من شأنها أن تهلك العبد ، وتتلف دينه ودنياه ، إذا استمكنت منه .
والله أعلم.