هل القصائد سبب في قسوة القلب ؟
الحمد لله.
اعلم أخي وفقك الله أن القصائد والأشعار المجردة من الأنغام والألحان والموسيقى : هي من جنس الكلام الذي يتكلم به الأنسان فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، فهو بحسب ما يتضمنه من المعاني وما يدعو إليه، وإذا كثر عن حده وألهى عما هو أهم منه ـ وخاصة القرآن، وذكر الله، والقيام بالواجبات الشرعية، ترتب عليه من الذم بقدر ما يترتب عليه من المفاسد.
ومن تلك المفاسد التي تحصل لمن انشغل بالشعر والقصائد عن ذكر الله والقرآن ، وغيره من العبادات الشرعية: أن يقسو قلبه، ويصدأ.
لذا ورد في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً رواه البخاري (5802) .
قال أبو عبيد: " وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر ، حتى يغلب عليه ، فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله ، فيكون الغالب عليه.
فأما إذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه : فليس جوفه ممتلئاً من الشعر" انتهى من "فتح الباري"(12/ 147) .
وإما إذا كان غناء مصحوباً بالمعازف فهذا محرم، وقد سبق الكلام عليه في جواب السؤال رقم : (5000)، و(222730).
ومثل هذا النوع : لا شك أنه من أعظم مسببات الغفلة وقسوة القلب، والصد عن الخير وذكر الله، وكما قيل:
حب الكتاب وحب ألحان الغناء في قلب عبد ليس يجتمعان
وأما إذا كان مجردا عن الآلات والمعازف ، لكنه ينشد ويلحن، فأيضاً تقدم الكلام عليه في السؤال رقم : (11563).
فإذا روعيت الشروط المذكورة، ولم يكن النشيد والقصيد غالبا عليه، فيرجى أن لا يكون ذلك سببا في قسوة القلب وغفلته .
فالوصية لك أخي السائل : بالحذر من الإكثار من سماع القصائد والأناشيد الملحنة، فإنها إذا غلبت على الشخص، كانت من خطوات الشيطان المسببة للغفلة وقسوة القلب، فإن الشيطان إذا أيس من المسلم أن يجاريه في مقارفة الكفر أو الفسق الصريح، ارتضى منه أن يبعده عن مادة الهدى والرشاد، تدريجيا، ولذا حذرنا الله من اتباع خطوات الشيطان في عدة مواضع في كتابه الكريم؛ فمن ذلك: قوله سبحانه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ البقرة/168، وقوله جل شأنه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ البقرة/208، وقوله: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) الأنعام/142، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ النور/21.
وهذه الآيات التي ورد فيها التحذير من خطوات الشيطان يرد في سياقها؛ التحذير من تلبيسه بين الحق والباطل فيما شرعه الله رب العالمين.
فلا تكثر أخي السائل من سماع القصائد والمدائح والأناشيد، وانهل من سماع القرآن فإن قراءته وسماعه عبادة، وهدى ورشاد، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ البقرة/2.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (91142)، ورقم : (144857) .
والله أعلم.