الحمد لله.
أولا:
وطء المرأة الأجنبية في الدبر منكر عظيم، وهو زنا يوجب الحد.
قال ابن قدامة رحمه الله: "(والزاني: من أتى الفاحشة ، من قبل ، أو دبر) ؛ لا خلاف بين أهل العلم، في أن من وطئ امرأة في قبلها ، حراما ، لا شبهة له في وطئها؛ أنه زان يجب عليه حد الزنى، إذا كملت شروطه.
والوطء في الدبر مثله، في كونه زنا؛ لأنه وطء في فرج امرأة، لا ملك له فيها، ولا شبهة ملك، فكان زنا، كالوطء في القبل؛ ولأن الله تعالى قال: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم [النساء: 15] . الآية. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام .
والوطء في الدبر فاحشة، بقوله تعالى في قوم لوط: أتأتون الفاحشة [الأعراف: 80] . يعني الوطء في أدبار الرجال، ويقال: أول ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن، ثم صاروا إلى ذلك في الرجال" انتهى من المغني (9/ 54).
والوطء في الدبر محرم ، ولو كان للزوجة.
وهو كفر أصغر ، لا يخرج من الملة ؛ إلا أن يستحله الفاعل ، أو المفعول به ؛ فيكون كفرا أكبر.
قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه أحمد (9779) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (936) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
وقال: مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا رواه أبو داود (2162) ، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا رواه ابن ماجه (1923) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" .
والواجب على من ابتلي بذلك : أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن يجتنب أسباب الحرام ، من الاختلاط والخلوة والنظر المحرم.
وعليه أن يستر نفسه، فلا يخبر به أحدا ، كائنا من كان، لا خاطبا ، ولا زوجا ، ولا غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ ، فليستتر بستر الله عز وجل .
والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم : (663) .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا؛ إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رواه مسلم (2590).
ثانيا:
الوطء في الدبر يوجب العدة في مذهب الشافعية والحنابلة.
وينظر : "أسنى المطالب" (3/ 186)، "المغني" لابن قدامة (7/ 297).
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الزانية لا يلزمها عدة ، بل تستبرئ بحيضة .
وينظر: جواب السؤال رقم (180556).
فيكتفى هنا بحيضة من باب أولى.
ثالثا:
الوطء في الدبر يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به.
قال في "دليل الطالب"، ص16 فيما يوجب الغسل:
"الثالث: تغييب الحشفة كلها، أو قدرها ، بلا حائل ، في فرج ، ولو دبرا" انتهى.
وهذا الغسل : هو غسل الجنابة بعينة.
والله أعلم.