الحمد لله.
أولا:
القسامة في اللغة لها معان: منها اليمين.
وفي الشرع: أن يقسم خمسون من أولياء القتيل على استحقاقهم دية قتيلهم، إذا وجدوه قتيلا بين قوم، ولم يعرف قاتله.
فإن لم يكونوا خمسين رجلا أقسم الموجودون خمسين يمينا.
فإن امتنعوا، وطلبوا اليمين من المتهمين: ردها القاضي عليهم، فأقسموا بها على نفي القتل عنهم.
فإن حلف المدعون: استحقوا الدية.
وإن حلف المتهمون: لم تلزمهم الدية.
قال في "كشاف القناع "(6/ 67): "(وهي) شرعا: (أيمان مكررة ، في دعوى قتل معصوم) . قال ابن قتيبة في المعارف: أول من قضى بالقسامة في الجاهلية: الوليد بن المغيرة ، فأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام اهـ .
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية رواه أحمد ومسلم" انتهى.
ثانيا:
اللَّوْثُ: قرينة تُثير الظن، وتوقع في القلب: صدق المدَّعِي.
أو هو: شبه الدلالة على حدث من الأحداث، ولا يكون بينة تامة، يقال: لم يقم على اتهام فلان بالجناية، إلا لوث.
واللوث شرط في القسامة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "اللوث: وهو العداوة الظاهرة ، كنحو ما كان بين الأنصار، وأهل خيبر، وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضاً بثأر، في ظاهر المذهب .
وعنه: ما يدل على أنه ما يُغَلِّب على الظن صحة الدعوى؛ كتفرق جماعة عن قتيل، ووجود قتيل عند من معه سيف ملطخ بدم، وشهادة جماعة ممن لا يثبت القتل بشهادتهم؛ كالنساء والصبيان ونحو ذلك.
فأما قول القتيل: فلان قتلني؛ فليس بلوث" انتهى من "المقنع"، ص429 .
وانظر في صور اللوث ومسقطاته عند المذاهب: "الموسوعة الفقهية" (35/ 343- 349).
وينظر: جواب السؤال رقم : (215280) .
ثالثا:
مسقطات ، أو مبطلات القسامة:
تبطل القسامة بالإبراء ، صراحة ، أو دلالة.
أما الإبراء الصريح: فهو التصريح بلفظ الإبراء ، وما يجري مجراه ، كقوله: أبرأت، أو أسقطت، أو عفوت ، ونحو ذلك.
لأن ركن الإبراء: صدر ممن هو من أهل الإبراء ، في محل قابل للبراءة، فيصح.
وأما الإبراء الضمني، " دلالة ": فهو أن يدعي ولي القتيل، على رجل من غير أهل المحلة: أنه
قتل القتيل، فيبرأ أهل المحلة من القسامة والدية؛ لأن ظهور القتيل في المحلة ، لم يدل على أن هذا المدعى عليه قاتل، فإقدام الولي على الدعوى عليه ، يكون نفيا للقتل عن أهل المحلة فيتضمن براءتهم عن القسامة.
كما تبطل القسامة بإقرار رجل على نفسه أنه القاتل، فلو جاء رجل فقال: ما قتله هذا المدعى عليه، بل أنا قتلته، فكذبه الولي، لم تبطل دعواه، وله القسامة، ولا يلزمه رد الدية إن كان قبضها، ولا يلزم المقر شيء.
وإن صدقه الولي، أو طالبه بموجب القتل: لزمه رد ما أخذه، وبطلت دعواه على الأول.
وفي استحقاقه مطالبة المقر قولان.
وكذلك تسقط القسامة، بقيام البينة على أن القاتل غير هذا؛ كأن أقام المدعى عليه بينة، أنه كان يوم القتل في بلد بعيد من بلد المقتول، لا يمكن مجيئه منه إليه في يوم واحد، فإنه تبطل دعوى القسامة.
وإن قالت البينة: نشهد أن فلانا لم يقتله ، لم تقبل الشهادة؛ لأنها نفي مجرد.
وإن قالا: ما قتله فلان، بل فلان، سُمعت؛ لأنها شهادة إثبات ، يتضمن النفي.
وإذا بطلت القسامة لأحد الأمور التي ذكرناها، وجب على المدعي أن يرد ما أخذه من الدية؛ لأنه لا حق له فيما أخذه، فوجب عليه رده.
وينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (33/ 181).
والله أعلم.