الحمد لله.
أولا:
من أخذت منه أوراق إثبات الشخصية الخاصة به، ومنع منهما حتى يحلف على شيء ، فهو مكره، ولا كفارة عليه لو حنث .
وفي الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" والإكراه يحصل إما بالتهديد ، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد.
وقال في موضع آخر: كونه يغلب على ظنه تحقق تهديده ليس بجيد، بل الصواب أنه لو استوى الطرفان: لكان إكراها " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/568).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (23/ 121) : "من شروط وجوب الكفارة في اليمين: أن يحلف مختارا، أما من أكره على الحلف فلا كفارة عليه؛ لقول الله سبحانه: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) النحل/106؛ ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد " انتهى.
ثانيا:
إذا كان يترتب على إخباره بما يأمرك به شريكه، مفسدة، فلا يجوز لك إخباره، ولا كفارة عليك كما تقدم.
وعلى فرض أن ما تم لا يُعد إكراها، فإنك لا تخبره أيضا، وتحنث في يمينك، وتلزمك الكفارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ رواه مسلم (1650).
وننبه هنا إلى أمرين:
1-أنه إن شدد عليك في السؤال ، عما أمرك به شريكه: فإنك تستعمل التورية.
ومعنى التورية: أن يقصد الإنسان بعبارته مقصودا صحيحا، ليس هو كاذبا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب .
وذلك كأن تقول: ما أمرني بشيء ، وتقصد أنه لم يأمرك اليوم ، أو قبل ساعة ، ونحو ذلك ، وفي هذا منجاة لك من الكذب.
قال البخاري في صحيحه: "بَاب: الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هَدَأَ نَفَسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ، وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ" انتهى.
2-أنه لو أمرك شريكه بما فيه خيانة له [ للشريك الآخر]، أو استئثار عليه ببعض الحق، أو الفائدة التي يشتركان فيها، أو بما فيه ضرر عليه: فليس لك إعانته؛ لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2
والله أعلم.