الحمد لله.
يحرم الجمع بين القرض والإجارة، سواء كتبا في عقد واحد أو في عقدين منفصلين؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ رواه الترمذي (1234) ، وأبو داود (3504) ، والنسائي (4611)، وصححه الترمذي ، والألباني.
والإجارة: بيع المنافع.
والجمهور على منع الجمع بين القرض وبين أي عقد معاوضة، كالسمسرة مثلا.
وحكمة النهي: سد الذريعة المفضية إلى الربا، كما حدث معك، فإن ما قمت به هو عين الربا،
فإذا كان المنزل يؤجر ب 3000 وأخذته ب 1250، فإن هذا هو عين الربا على القرض، ولا ندري كيف أقدمت على هذا المحرم، بحجة فصل العقدين، وكيف استخرت الله في أمر الربا الملعون فاعله.
ولا يخفى على أحد: أنه لولا القرض، ما خفض لك كل هذا، وأنت لولا الإجارة بهذا التخفيض ما أقرضته.
فالعقد مشروط في العقد من جهة المعنى، فلا ينفع التحايل بكتابته منفصلا.
ثم نقول: لو فرض أن كان القرض متقدما، ثم حاباه في الإجارة لأجل القرض، كان هذا ربا أيضا.
ولو أهدى له هدية، قبل وفاء القرض: كانت ربا.
فعلم من هذا أن التحايل هنا لا يفيد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "كل قرض جر منفعة فهو ربا؛ مثل أن يبايعه أو يؤاجره، ويحابيه في المبايعة والمؤاجرة لأجل قرضه. قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع.
فإنه إذا أقرضه مائة درهم، وباعه سلعة تساوي مائة، بمائة وخمسين: كانت تلك الزيادة ربا. وكذلك إذا أقرضه مائة درهم، واستأجره بدرهمين كل يوم، ما أجرته تساوي ثلاثة...
وكذلك إذا كانت الأرض أو الدار أو الحانوت، تساوي أجرتها مائة درهم، فأكراها بمائة وخمسين؛ لأجل المائة التي أقرضها إياه: فهو ربا" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 533).
وقال رحمه الله: " وقد اتفق العلماء على أن المقرض، متى اشترط زيادة على قرضه: كان ذلك حراما.
وكذلك إذا تواطآ على ذلك، في أصح قولي العلماء.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن. ولا بيع ما ليس عندك ؛ حرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين السلف والبيع؛ لأنه إذا أقرضه وباعه: حاباه في البيع لأجل القرض، وكذلك إذا آجره وباعه.
وما يظهرونه من بيع الأمانة، الذي يتفقون فيه على أنه إذا جاءه بالثمن، أعاد إليه المبيع: هو باطل باتفاق الأئمة، سواء شرطه في العقد ، أو تواطآ عليه قبل العقد، على أصح قولي العلماء. والواجب في مثل هذا أن يعاد العقار إلى ربه، والمال إلى ربه، ويُعزر كل من الشخصين، إن كانا علما بالتحريم.
والقرض الذي يجر منفعة: قد ثبت النهي عنه، عن غير واحد من الصحابة ...، كعبد الله بن سلام وأنس بن مالك، وروي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه وغيره.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن سلام: " إنك بأرض، الربا فيها فاش ؛ فإذا أقرضت رجلا قرضا ، فأهدى لك حمل تبن ، أو حمل قت : فاحسبه له من قرضه ".
وقال رجل لابن عباس: إني أقرضت سمّاكا عشرين درهما ، فأهدى لي سمكة ، فقومتها ثلاثة عشر درهما، فقال: لا تأخذ منه إلا سبعة دراهم" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 334).
وقال رحمه الله في "الفتاوى الكبرى" (4/ 39): " والمنع من هذه الحيل هو صحيح قطعا , لما روى عبد الله بن عمر , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع , ولا ربح ما لم يضمن , ولا بيع ما ليس عندك " رواه الأئمة الخمسة: أحمد , وأبو داود , والنسائي , والترمذي , وابن ماجه , وقال الترمذي: حسن صحيح.
فنهى صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع بين سلف وبيع , فإذا جمع بين سلف وإجارة، فهو جمع بين سلف وبيع، أو مِثلُه .
وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة ، مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك, هو مثل القرض .
فجماع معنى الحديث : أن لا يُجمع بين معاوضة وتبرع ; لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة ، لا تبرعا مطلقا ؛ فيصير جزءا من العوض ، فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض، جمعا بين أمرين متباينين ؛ فإن من أقرض رجلا ألف درهم ، وباعه سلعة تساوي خمسمائة، بألف: لم يرضَ بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة. والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد ، إلا لأجل الألف التي اقترضها ؛ فلا هذا بيعا بألف، ولا هذا قرضا محضا، بل الحقيقة أنه أعطاه الألف والسلعة ، بألفين" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم : (267637) .
وعليه :
فالواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى، وأن تسترد قرضك ، وتفسخ الإجارة.
فإن لم يمكن ذلك لرفض المؤجر أو لكونه صرف المال، فإنك تزيد الأجرة إلى 3000 ، معاملة لك بنقيض قصدك المحرم، وتخلصا من الفائدة التي جرها القرض، ثم تسعى لاسترداد قرضك من صاحبك.
وقد سبق النقل عن شيخ الإسلام، وفيه قوله : " والواجب في مثل هذا أن يعاد العقار إلى ربه، والمال إلى ربه، ويُعزر كل من الشخصين، إن كانا علما بالتحريم."انتهى.
والله أعلم.