الحمد لله.
المال الحرام نوعان:
الأول: محرم لعينه ، وهو ما أخذ بغير رضا، كالمسروق والمغصوب والمنهوب ، وهذا يحرم على آخذه ، وعلى من انتقل إليه ، إذا كان عالما بالحال؛ لأن الحرمة فيه تتعلق بعين المال ، فهو عين مال المظلوم ، ويجب رده إليه ، أما الانتفاع به فهو مشاركة في الظلم والإثم .
فإن كان المال محرما لعينه ، فلا يحل له قضاء الدين منه، ولا يحل لك قبوله.
الثاني: محرم بسبب كسبه ، وهو ما أخذ بالرضا في مقابل عمل محرم، أو في معاملة محرمة، وذلك كأجرة الغناء والزمر والعمل الربوي، وكالمال المأخوذ رشوة، وفائدة ربوية، وثمن خمر ومخدرات، وما شابه ذلك.
وهذا المال يحرم على كاسبه فقط ، عند بعض أهل العلم، ولا يحرم على من انتقل إليه بوجه مباح، كالهبة، أو النفقة.
وينظر: جواب السؤال رقم : (289442) .
وإذا تاب كاسب هذا المال ، وكان محتاجا، جاز له الأخذ منه بقدر حاجته ، وجاز له قضاء دينه منه.
وعليه فإذا كان المدين لا يملك إلا هذا المال المحرم ، فلا حرج أن يقضي دينه منه ، ولا حرج عليك في قبول ذلك.
والظاهر من سؤاله أن المال الحرام ليس معه ، بل يريد أن يقترف الإثم ، ليسدد دينه ؛ فإذا كان الأمر كذلك، وعلى حسب ما فهمنا : فإنه لا يجوز له ذلك، ولا يجوز لك دعوته إليه، بل يجب عليك إنظاره، إن كان معسِرا على الحقيقة؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة/280.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "ومن فوائد الآية: وجوب إنظار المعسر، أي: إمهاله حتى يوسر، لقول الله تعالى: (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)؛ فلا تجوز مطالبته بالدين، ولا طلب الدين منه" انتهى من "تفسير سورة البقرة" (3/ 391).
والله أعلم.