الحمد لله.
أولا:
كون الهاتف لا يعمل على جميع الشبكات، يعتبر عيبا يبيح لك الفسخ، أو أخذ الأرش، وهو الفرق بين قيمة الهاتف سليما وقيمته معيبا.
وفي حال الفسخ يلزمك رد الهاتف، كما هو.
وعليه فإن تلف الهاتف في يدك أو بعته، فالواجب أن ترد مثله؛ لأن قاعدة الضمان: أن المثلي يُضمن بمثله، فإن لم يكن له مثل-وهذا مستبعد- فإنه يضمن بقيمته يوم فقد المثل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته) ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إناء بإناء، وطعام بطعام ، في قصة معروفة، وهي أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عند إحدى زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ فأرسلت الزوجة الأخرى خادمها بطعام في صحفة، فدخل الخادم بالطعام والصحفة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، في منزل الضرَّة، فأصابتها الغيرة، فضربت بيد الخادم حتى سقطت الصحفة، وانكسرت، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام المرأة التي هو عندها ، وصحفتها ، وأعطاها الخادم، وقال: إناء بإناء، وطعام بطعام فهنا ضُمِن بالمثل؛ لأن هذا مثلي" انتهى من الشرح الممتع (10/ 117).
فعليك الاجتهاد في الوصول إلى البائع، بكل سبيل ممكنة ، وإعطائه مثل هاتفه، أو قيمته في السوق، وهي لن تقل عن 925 دولارا، ولا عبرة بكونك استخدمت تخفيضا في شرائه، ولا بما دفعته لأجل فتح الشبكة، ولا بالثمن الذي بعته به، فهذا لا علاقة للبائع به، فإن الواجب كما تقدم: رد مثل الهاتف، أو قيمته عند فقد المثل.
ولو أمكنك أن تحول ثمن الهاتف على حسابه ، بأي طريق متاح لك ، ولو لم يرد عليك : فهذا هو الواجب عليك .
ثالثا:
على فرض عدم تمكنك من الوصول إلى البائع بعد الاجتهاد والتحري، فإنه يلزمك التصدق بقيمته عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المال إذا تعذر معرفة مالكه: صرف في مصالح المسلمين، عند جماهير العلماء، كمالك وأحمد وغيرهما.
فإذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون، قد يئس من معرفة أصحابها: فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.
ومن الفقهاء من يقول: تُوقَف أبدا حتى يتبين أصحابها؟
والصواب الأول؛ فإن حبس المال دائما، لمن لا يرجى: لا فائدة فيه؛ بل هو تعرض لهلاك المال، واستيلاء الظلمة عليه.
وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية، فدخل بيته ليأتي بالثمن، فخرج، فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين، ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن رب الجارية؛ فإن قبل، فذاك، وإن لم يقبل، فهو لي، وعلي له مثله يوم القيامة.
وكذلك أفتى بعض التابعين: من غَل من الغنيمة، وتاب بعد تفرقهم؛ أن يتصدق بذلك عنهم. ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم، كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى من مجموع الفتاوى (29/ 321).
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (140518).
ولكن هذا التصدق لا يكون إلا بعد اليأس من التواصل مع البائع .
والله أعلم.