الحمد لله.
أولًا :
"القرابة" في اللغة:
"القاف والراء والباء أصل صحيح يدل على خلاف البعد.
يقال قرب يقرب قربًا.
وفلان ذو قرابتي، وهو من يقرب منك رحمًا.
وفلان قريبي، وذو قرابتي.
والقربة والقربى: القرابة"، انتهى من "مقاييس اللغة" (5/ 80).
وفي "لسان العرب" (1/ 665): "والقريب والقريبة: ذو القرابة، والجمع من النساء: قرائب، ومن الرجال: أقارب، ولو قيل: قُربى، لجاز.
والقرابة والقربى: الدنو في النسب، والقربى في الرحم، وهي في الأصل مصدر.
... وأقارب الرجل، وأقربوه: عشيرته الأدنون.
وتقول: بيني وبينه قرابة، وقرب، وقربى، ومقربة، ومقربة، وقربة، وقربة، بضم الراء، وهو قريبي، وذو قرابتي، وهم أقربائي، وأقاربي. والعامة تقول: هو قرابتي، وهم قراباتي "، انتهى بتصرف.
ثانيًا :
أما تعريف القرابة عند "الفقهاء"، فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (33/ 66 - 67):
" تطرق الفقهاء إلى تعريف (القرابة) عند كلامهم على الوصية للأقارب، أو الهبة لهم.
ويمكن حصر تعريفاتهم للقرابة في اتجاهات سبعة :
الاتجاه الأول: تضييق دائرة القرابة، وقصرها على القرابة من جهة الأب، دون من كان من جهة الأم .
وهي الرواية الراجحة عن الإمام أحمد ، ويقتصر بها على أربعة آباء فقط ، فلو قال : أوصيت لقرابة فلان : دخل فيها أولاده وأولاد أبيه وأولاد جده وأولاد جد أبيه .
وعن أحمد رواية أخرى: أنه يصرف إلى قرابة أمه ، إن كان يصلهم في حياته ، وإن كان لا يصلهم لم يُعْطَوا شيئًا .
وحكى النووي: أن قرابة الأم لا تدخل في الوصية للأقارب، في الأصح .
الاتجاه الثاني : توسع دائرة القرابة بعض الشيء: فتشمل قرابة الأم ، وقرابة الأب من الرحم المَحْرم، الأقرب فالأقرب، غير الوالدين والمولودين .
وقد نقلها علماء الحنفية عن أبي حنيفة ، ورجحها الكاساني؛ لأن القرابة المطلقة هي قرابة ذي الرحم المحرم ، ولأن الاسم يتكامل بها ، وأما غيرها من الرحم غير المحرم: فناقص ، فكان الاسم للرحم المحرم لا لغيره .
ولا يدخل فيها الآباء والأجداد والأولاد والأحفاد، في رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة .
وقد ذكر الحصكفي أن من قال للوالد: إنه قريب ، فهو عاق .
وقال الكاساني: الوالد والولد: لا يسميان قرابتين، عرفا وحقيقة أيضًا؛ لأن الأب أصل، والولد جزؤه، والقريب من تقرب إلى الإنسان بغيره لا بنفسه، وقال تعالى: الوصية للوالدين والأقربين ، والعطف يقتضي المغايرة في الأصل.
الاتجاه الثالث: إطلاق القرابة على ذوي الرحم المحرم غير الوالدين وولد الصلب ، ويدخل فيها الأجداد والأحفاد .
وقد نقل هذا عن أبي حنيفة في الزيادات، فذكر أن الأجداد والأحفاد يدخلان ، ولم يذكر خلافًا .
الاتجاه الرابع: إطلاق القرابة على كل ذي رحم ، وإن بعد ، سواء كان محرما أو غير محرم ، غير الأصل والفروع.
ذكرها الخطيب الشربيني .
الاتجاه الخامس: إطلاق القرابة على كل ذي رحم وإن بعد ، إلا الأب والأم ، والابن والبنت من أولاد الصلب .
ورجحها النووي في المنهاج ، وهو رأي محمد بن الحسن ، وقول لأبي يوسف .
الاتجاه السادس: إطلاق القرابة على أي قرابة وإن بعدت ، ويدخل فيها الأب والأم وولد الصلب ، كما يدخل فيها الأجداد والأحفاد .
ورجحها السبكي وقال: هذا أظهر بحثا ونقلا ، وهو نص الشافعي في الأم ، وهو معنى كلام مالك في المدونة .
الاتجاه السابع: إطلاق القرابة على أي قرابة وإن بعدت ، من جهة الأب أو من جهة الأم ، أو من الأولاد، ويحمل عليها الزوجية والولاء والرضاع .
وهذا الاتجاه مستنبط من كلام العلماء في أبواب متفرقة "، انتهى .
ثالثًا :
للقرابة حقوق ذكر بعضها الإمام "ابن جزي" في "القوانين الفقهية" (291) :
" حقوق المسلم على المسلم عشرة : أن يسلم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، ويجيبه إذا دعاه ، ويشمته إذا عطس ، ويشهد جنازته إذا مات ، ويبر قسمه إذا أقسم ، وينصح له إذا استنصحه ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكف عنه شره ما استطاع ، فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، ويبذل له من خيره ما استطاع في دينه ودنياه ، فإن لم يقدر على شيء فكلمة طيبة .
فإن كان من القرابة فيزيد على ذلك : حق صلة الرحم بالإحسان ، والزيارة ، وحسن الكلام ، واحتمال الجفاء"، انتهى .
وانظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (33/ 72 - 75).