الحمد لله.
أولا:
الإقالة مختلف فيها: هل هي فسخ؟ أو بيع جديد؟
فذهب أبو حنيفة ومحمد، والشافعية والحنابلة إلى أنها فسخ.
وذهب أبو يوسف إلى أنها بيع، وذهب المالكية إلى أنها بيع إلا في الطعام والشفعة.
ثانيا:
على القول بأن الإقالة بيع، فيشترط التقابض في الرجوع في الصرف (مبادلة النقود)، وهذا ظاهر.
قال في "التاج والإكليل" (6/ 426) : "(والإقالة: بيع، إلا في الطعام والشفعة). من المدونة: الإقالة عند مالك بيع حادث في كل شيء، إلا في الشفعة . قال ابن القاسم: وإن صارفتَ رجلا، ثم لقيته بعد ذلك، فأقلته، ودفعت إليه دنانيره، وفارقته قبل أن تقبض دراهمك: لم يجز؛ والإقالة هاهنا: بيع حادث" انتهى.
وأما على القول بأنها فسخ، فهل يشترط التقابض؟ في ذلك خلاف على قولين:
القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يشترط التقابض حينئذ.
قال في "أسنى المطالب" – شافعي - (2/ 74) : "وفَرّع على كونها فسخا مسائل، فقال: ( فيجوز تفريق المتقايلين ) ، أي تفرقهما من مجلس الإقالة ( في الصرف ، قبل التقابض)" انتهى.
وقال في "كشاف القناع " – حنبلي - (3/ 249) : " (وهي) أي الإقالة: (فسخ) للعقد ، لا بيع ... فـ( تصح ) الإقالة ( في المبيع ، ولو قبل قبضه ...) ، كمبيع في ذمة ، أو بصفة ، أو رؤية متقدمة ؛ لأنها فسخ ، والفسخ لا يعتبر فيه القبض . ( و ) تصح ( في مكيل وموزون ) ومعدود ومذروع ، بغير كيل ووزن وعد وذرع ؛ لأنها فسخ " انتهى.
القول الثاني: ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى اشتراط التقابض في إقالة الصرف، مع قولهما بأن الإقالة فسخ، وذلك لحق الله تعالى، أو لأنها بيع في حق ثالث، وهو الشرع.
قال في "بدائع الصنائع" (5/ 308) : "وأما شرائط صحة الإقالة ... ( ومنها ) تقابض بدلي الصرف، في إقالة الصرف ، وهذا على أصل أبي يوسف : ظاهر . وكذلك على أصل أبي حنيفة ؛ لأن قبض البدلين إنما وجب حقا لله تعالى ، ألا ترى أنه لا يسقط بإسقاط العبد ، والإقالة على أصله ، وإن كانت فسخا في حق العاقدين : فهي بيع جديد في حق ثالث، فكان حق الشرع في حكم ثالث ، فيجعل بيعا في حقه " انتهى.
وينظر: "البحر الرائق"(6/ 110).
والله أعلم.