الحمد لله.
لا يجب على المرأة أن تخفي خطها في الكتابة عن الرجال الأجانب ؛ ولم يثبت في الشرع ما يأمرها أو يحثها على ذلك - فيما نعلم - .
ولم نقف على من كان يأمر نساءه أو بناته بذلك من الصحابة أو السلف أو الأئمة العلماء .
وقد كان نساء السلف يكتبن الحديث وغير ذلك من العلم ، ويقرأه الرجال والنساء ، ولم ينكر ذلك أحد ، أو يحثهن على إخفاء خطهن .
جاء في "تاريخ الإسلام" للذهبي (10/ 118) في ترجمة خديجة بنت محمد بن عليّ الشَّاهْجَانيَّة. البغداديّة الواعظة : " كانت امرأة صالحة ، كتبت عن ابن سمعون بعض أماليه بخطِّها " انتهى.
وجاء فيه أيضًا (10/ 233) في ترجمة عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم ، أمّ الفتح الوَرْكانيّة : " قال أبو سَعْد السَّمعاني : سألتُ عَنْهَا إِسْمَاعِيل الحافظ فقال : امرأة صالحة عالمة تَعِظ النساء ، وكتبت بخطّها أمالي ابن مَنْدَهْ عَنْهُ " انتهى.
وفيه أيضًا (12/ 538) في ترجمة شُهْدَة بنت أَبِي نصر أَحْمَد بْن الفَرَج بْن عُمَر الدَينَوَري ، ثم البغدادي ، الإبرِي ، الكاتبة ، فخر النساء : " قال أَبُو سعد السمعاني فِي " الذيل " وذكرها ، فقال : امْرَأَة من أولاد المحدثين ، متميزة فصيحة ، حَسَنَة الخط ، تكتب على طريقة الكاتبة بِنْت الأقرع . وما كان ببغداد فِي زمانها من يكتب مثل خطها " انتهى.
وجاء في "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" (3/1220) في ترجمة عائشة ابنة عليّ بن محمّد، المدعوّة ستّ العيش : " وكانت خيّرة ، وتكتب خطّا جيّدا ، وكذا ذكرها المقريزي في عقوده وقال : كانت امرأة خيّرة ، صالحة ، تكتب كتابة حسنة ، ولها فهم مليح " انتهى.
والذي جاء به الشرع هو نهي المرأة عن الخضوع بالقول أمام الرجال الأجانب ، والتزين ، والتعطر ، والميل في مشيتها ، والكلام بغير حاجة ، ونحو ذلك مما يثير الغرائز ، ويجذب أنظار الرجال إليها .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (113996)، و(6453).
وأما مجرد خط المرأة ؛ فإي شيء فيه يستوجب إخفاءه عن الرجل ؟ أعورة هو ، أم فنتة ، ومدرجة فساد ؟!
بل هذه المقالة : بالتنطع والتشدد المذموم ، أشبه منها بنسك الصالحين، وهدي السلف والسابقين.
والله أعلم.