الحمد لله.
أولا:
إذا كان الزوج لا يمكنه الوطء ويسمى العِنّين، فللزوجة طلب الفسخ، لكن لا يفسخ القاضي النكاح في الحال وإنما يؤجله لسنة، وهذا بخلاف غيره من العيوب التي توجب الفسخ.
وإذا وطيء الزوج زوجته ، ولو مرة : لم يكن عنينا.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 676): " (أو عنينا لا يمكنه وطء ، ولو لكبر ، أو مرض) لا يرجى برؤه ؛ مأخوذ من : عن يعن إذا اعترض ؛ لأن ذكره يعن إذا أراد أن يولجه، أي يعترض ؛ وثبوت الخيار لامرأة العنين: بعد تأجيله سنة . رُوي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة ، وعليه فتوى فقهاء الأمصار ; لأنه قول من سُمي من الصحابة ، ولا مخالف لهم، ولأنه عيب يمنع الوطء، فأثبت الخيار ، كالجَب ...
(فإن) علم أن عجزه عن الوطء لعارض ، كصغر ومرض يرجى زواله، لم تُضرب له المدة.
فإن ادعت امرأة عُنَّة زوجها ، (وأقر بالعنة ، أو ثبتت) عُنته (ببينة) ، قال في المبدع: فإن كان للمدعي بينة من أهل الخبرة والثقة عمل بها ، (أو عُدما) ، أي الإقرار والبينة (فطلبت يمينه، فنكل) عن اليمين ، (ولم يدع وطئا) قَبل دعواها : (أجّل سنة هلالية) ، ولو عبدا ، (منذ ترافعه) ; لأنه قول من سمينا من الصحابة، ولأن العجز قد يكون لعنة ، وقد يكون لمرض، فضربت له سنة، لتمر به الفصول الأربعة؛ فإن كان من يبس: زال في فصل الرطوبة، وبالعكس، وإن كان من برودة، زال في فصل الحرارة. وإن كان من احتراق مزاج زال في فصل الاعتدال.
فإن مضت الفصول الأربعة، ولم يزل: عُلم أنها خِلقة ...
(فإن مضت) السنة (ولم يطأ: فلها الفسخ)، لما تقدم.
(وإن قال: وطئتها، وأنكرت) وطأه ، (وهي ثيب : فقولها، إن ثبتت عنته) قبل دعواه وطأها ; لأن الأصل عدم الوطء، وقد انضم إليه وجود ما يقتضي الفسخ وهو ثبوت العنة .
(وإلا) تثبت عنته قبل دعواه وطأها، (فـ) القول (قوله)، لأن الأصل السلامة.
(وإن كانت) مدعية عنته (بكرا، وثبتت عنته وبكارتها: أجّل) سنة كاملة، كما لو كانت ثيبا ; لأن وجود العُذرة، يدل على عدم الوطء ; لأنه يزيلها" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: "وإن اعترفت أنه قد وصل إليها مرة، بطل أن يكون عنينا.
أكثر أهل العلم على هذا، يقولون: متى وطئ امرأته مرة، ثم ادعت عجزه، لم تسمع دعواها، ولم تضرب له مدة، منهم؛ عطاء، وطاوس، والحسن، ويحيى الأنصاري، والزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، وابن هاشم، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي ...
والوطء الذي يخرج به عن العنة، هو تغييب الحشفة في الفرج؛ لأن الأحكام المتعلقة بالوطء تتعلق بتغييب الحشفة، فكان وطئا صحيحا" انتهى من "المغني" (7/ 204).
ثانيا:
إذا لم يطأ ولو مرة، أجله القاضي سنة، فإذا لم يطأ فيها، فسخ نكاحه.
والفسخ لا يحسب من الطلقات، ويلزمه العدة، وهي كعدة الطلاق عند الجمهور، وهي ثلاث حيض تبدأ من حكم القاضي بالفسخ.
والقول الآخر: أن العدة حيضة واحدة، تبدأ من حين الفسخ أيضا.
قال المرداوي في الإنصاف (9/ 295): "وعنه : تُستبرأ بحيضة [أي المزني بها]. ذكرها ابن أبي موسى، كالأمة المزني بها غير المزوجة . واختارها الحلواني , وابن رزين , والشيخ تقي الدين . واختاره أيضا: في كل فسخ وطلاق ثلاث" انتهى.
وقد سبق بيان الفرق بين الفسخ والطلاق في جواب السؤال رقم : (133859) .
ثالثا:
إذا وطيء الزوج مرة لم يكن عنينا.
فإن كان به ضعف ، وتضررت الزوجة من ذلك : جاز لها طلب الطلاق ، أو الخلع.
فإن طلقها، فعدتها ثلاث حيض تبدأ من إيقاع الطلاق.
وإن خلعها، فعدتها حيضة واحدة، على الراجح ، تبدأ من إيقاع الخلع.
وينظر : سؤال رقم : (14569)، ورقم: (5163).
رابعا:
ربما كان الزوج سليما، ومنع من زوجته لسحر أو مس أو عين، فينبغي استعمال الرقية الشرعية، وينظر: سؤال رقم : (91627) .
فإن استمر به العجز، فالأمر على ما ذكرنا سابقا.
والله أعلم.