الحمد لله.
ماعز الذي رجمه النبي صلى الله عليه وسلم هو : مَاعِز بن مَالك الْأَسْلَمِيّ ، وَقيل هُوَ التَّمِيمِي .
وهو معدود فِي المدنيين ، وكتب له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كتابا بإسلام قومه ، وَهُوَ الَّذِي اعترف على نفسه بالزنا ، تائبًا منيبًا ، رضي الله عنه وأرضاه ، وَكَانَ محصنًا فرجم .
وهو أول مرجوم فِي الزِّنَا فِي الْإِسْلَام .
ينظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 324)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1345)، و"تلقيح فهوم أهل الأثر" لابن الجوزي (ص: 178).
أما السنة التي رجم فيها : فلم نقف على من ذكرها بالتحديد ، ولكن يحتمل أنه رجم في نحو سنة تسع من الهجرة أو قبلها بيسير .
ففي "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (3/ 374) قال ابن الجوزي في ذكر أحداث "سنة تسع من الهجرة" : " وفيها رجم الغامدية " انتهى.
وفي "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس" للديار بكري (1/ 6) قال : " ( الموطن التاسع ) فى وقائع السنة التاسعة من الهجرة : " ... ورجم الغامدية ..." انتهى.
ومعلوم أن الغامدية رجمت بعد ماعز بن مالك .
ففي الحديث الذي أخرجه مسلم (1695) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :
" جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، طَهِّرْنِي .
فَقَالَ : وَيْحَكَ ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ .
قَالَ : فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، طَهِّرْنِي .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْحَكَ ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ .
قَالَ : فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، طَهِّرْنِي .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ ، فَقَالَ : مِنَ الزِّنَى .
فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ ، فَقَالَ : أَشَرِبَ خَمْرًا؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ ، قَالَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَزَنَيْتَ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ .
فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ ، قَائِلٌ يَقُولُ : لَقَدْ هَلَكَ ، لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، وَقَائِلٌ يَقُولُ : مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ .
قَالَ : فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : فَقَالُوا : غَفَرَ اللهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ ".
قَالَ : ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنَ الْأَزْدِ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، طَهِّرْنِي ، فَقَالَ : وَيْحَكِ ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ
فَقَالَتْ : أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : وَمَا ذَاكِ ؟ .
قَالَتْ : إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَى ، فَقَالَ : آنْتِ؟ قَالَتْ : نَعَمْ .
فَقَالَ لَهَا : حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ ، قَالَ : فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ .
قَالَ : فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ ، فَقَالَ : إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللهِ . قَالَ: فَرَجَمَهَا ". انتهى.
والشاهد من الحديث : أن الغامدية رجمت بعد ماعز بن مالك ، إذ قالت : " أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ " ، ويبدو أن المدة بينهما لم تكن كبيرة !
وقد سبق أنها رجمت سنة تسع من الهجرة كما ذكر ابن الجوزي والدياربكري رحمهما الله.
وعليه : فرجم ماعز بن مالك رضي الله عنه كان سنة تسع من الهجرة أو قبلها بيسير .
والله أعلم.