أنا مصابة بالصرع، هل يجوز لي اقتناء كلب؛ لسحبه لكهرباء الرأس، ولتنبئه بأوقات النوبة عند حدوثها، علما بأنها أحيانا تأتني بالحمام ؟
الحمد لله.
أولا:
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويأجرك.
وقد وقفنا على مقالات بشأن إمكان معرفة الكلب بقرب نوبة الصرع، ولم نقف على مسألة سحبه لكهرباء الرأس.
ثانيا:
ينبغي أن يُعلم أن الأصل تحريم اقتناء الكلب إلا فيما رخص فيه الشرع؛ لما روى البخاري (2145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ .
وروى مسلم (2974) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ .
وإذا أبيح اقتناء الكلب لم يمنع دخول الملائكة.
وقد رخص جماعة من أهل العلم في اقتناء الكلب للمصلحة، قياسا على ما ورد به النص.
قال الإمام النووي رحمه الله :"اختلف في جواز اقتنائه لغير هذه الأمور الثلاثة ، كحفظ الدور والدروب ، والراجح : جوازه قياساً على الثلاثة ، عملاً بالعلَّة المفهومة من الحديث ، وهي : الحاجة " انتهى من " شرح مسلم " ( 10 / 236).
وقال ابن عبد البر رحمه الله :"وفي معنى هذا الحديث تدخل – عندي - إباحة اقتناء الكلاب للمنافع كلها ودفع المضار ، إذا احتاج الإنسان إلى ذلك " انتهى من " التمهيد " ( 14 / 219).
واقتناء المرأة لهذا الكلب المدرب – مع عدم توفر من يقوم على خدمتها ورعايتها وحراستها: لا شك أنه أولى من حراسة الزرع والماشية .
قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي - ناقلاً عن بعض العلماء - :" لا شك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِن في كلب الصيد في أحاديثَ متعدِّدَةٍ ، وأخبر أنَّ متَّخذَه للصيد لا ينقص مِن أجره ، وأذِن في أحاديث أخرى في كلـبِ الماشية ، وكلب الغنم ، وكلب الزرع ، فعُلم أنَّ العلَّة المقتضية لجواز الاتخاذ : المصلحة ، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، فإذا وُجدت المصلحة جاز الاتخاذ ، حتى إنَّ بعضَ المصالح أهمُّ وأعظمُ مِن مصلحة الزرع ، وبعض المصالح مساوية للتي نصَّ الشارع عليها ، ولا شك أنَّ الثمار هي في معنى الزرع ، والبقر في معنى الغنم ، وكذلك الدجاج والأوز -لدفع الثعالب عنها- هي في معنى الغنم ، ولا شك أنَّ خوفَ اللصوص على النَّفس ، واتخاذه للإنذار بـها والاستيقاظ لها أعظم مصلحة من ذلك ، والشارع مراعٍ للمصالح ودفع المفاسد ، فحيث لم تكن فيه مصلحةٌ ففيه مفسدة " انتهى من "الإغراب في أحكام الكلاب" ( ص 106 ، 107 ) .
وعليه:
فلا حرج عليك في اقتناء كلب للغرض المذكور، مع التحرز من نجاسة لعابه في بدنك وثيابك وغير ذلك قدر إمكانك.
ونسأل الله أن يعافيك، وأن يجعل لك فرجا ومخرجا.
والله أعلم.