الحمد لله.
أولا:
لا يلزم الزوجة أن تدفع شيئا في مصاريف البيت ، إلا إن علق الزوج السماح لها بالعمل على ذلك.
وأما إذا لم يشترط ذلك، وكانت تدفع المال في مصاريف البيت دون طلب منها، فهذا على وجهين:
1-أن تدفعه عن طيب نفس، فيكون هبة وإحسانا، فإذا اشترى الرجل بعد ذلك بيتا أو غيره، كان ملكا له، وليس للزوجة أن تدعي حقا فيه لأنها كانت تنفق وتساعد في المصاريف، إلا أن يشتركا في شراء البيت فيكون ملكا لهما على قدر ما دفعا.
2-أن تدفعه عن غير طيب نفس، خوفا من أن يطلقها، فالواجب أن يرد لها ما دفعت، لكن لو اشترى بيتا بماله فهو ملك خالص له، مع وجوب أن يرد لها ما دفعت.
وينظر: جواب السؤال رقم : (140457) .
ثانيا:
لا يجوز للزوجة الرجوع في الهبة والمطالبة بما أنفقته في مصاريف البيت؛ لتحريم الرجوع في الهبة؛ لما روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا ، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، كَمَثَلِ الْكَلْبِ؛ يَأْكُلُ ، فَإِذَا شَبِعَ : قَاءَ ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته , ولا لمهد أن يرجع في هديته ، وإن لم يثب عليها ) .
يعني وإن لم يعوض عنها . وأراد : من عدا الأب ؛ لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع ... فأما غيره فليس له الرجوع في هبته ولا هديته . وبهذا قال الشافعي وأبو ثور " انتهى من "المغني" (5/ 397).
ثالثا:
المدة التي طلبت فيها من زوجتك أن تضع راتبها أو جزءا منها في مصاريف البيت، فيها تفصيل كذلك، فينظر هل وضعت هي المال إحسانا وهبة، أو قرضا، أو خوفا.
فإن دفعت المال خوفا ، أو على سبيل القرض : فإنه يلزم رده إليها، وليس لها حق في البيت.
رابعا:
حكم القاضي-ولو كان مسلما- لا يُحل الحرام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا رواه البخاري (2458)، ومسلم (1713).
فينبغي أن تراعي ما ذكرنا من التفصيل، فإن لم يكن لزوجتك حق فانصحها وبين لها، أو وسّط من ينصح لها.
ولو اتفقتما على شيء ، وتصالحتما على إنهاء النزاع بينكما، على أن تدفع لها شيئا تطيب نفسك به ، ويرضيها : فلا حرج عليكما في ذلك ؛ فالصلح جائز بين المسلمين، إلا ما حرم حلالا، أو أحل حراما.
والله أعلم.