الحمد لله.
أولا:
هذا الكنز على أحد حالين:
الحالة الأولى: أن يكون مدفونا من عهد الجاهلية قبل الإسلام؛ فهذا ما يعرف شرعا بـ "الركاز".
وباطن المسجد ليس لأحد اختصاص به؛ فيكون الركاز لواجده بعد أن يخرج منه الخمس صدقة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: العَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ رواه البخاري (1499)، ومسلم (1710).
قال المرداوي رحمه الله تعالى:
" وباقيه لواجده، إن وجده فى موات، أو أرض لا يعلم مالكها. وكذا إن وجده فى ملكه الذى ملكه بالإحياء، أو فى شارع أو طريق غير مسلوك، أو قرية خراب، أو مسجد، وكذا لو وجده على وجه الأرض، بلا نزاع فى ذلك " انتهى من "الإنصاف" (6 / 594).
الحالة الثانية: أن يكون من مدفونات العصر الإسلامي فهو في حكم "اللقطة".
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" ودفن الجاهلية لأموالهم عند جماعة أهل العلم ركاز أيضا، لا يختلفون فيه إذا كان دفنه قبل الإسلام، وكان من الأمور العاديّة [= أي القديمة جدا، ينسبون ذلك إلى زمن عاد، إذا أرادوا أن يعبروا عند قدمه].
وأما ما كان من ضرب الإسلام: فحكمه عندهم حكم اللقطة؛ لأنه ملك لمسلم لا خلاف بينهم في ذلك، فقف على هذا الأصل، وبالله التوفيق " انتهى من"الاستذكار" (9 / 65).
وحكم اللقطة أن ترد إلى صاحبها إن علم، أو إلى ورثته إن كان قد مات، وإلا؛ فإنها تعرّف في الناس سنة، فإن جاء صاحبها أعطيت له، وإلا انتفع بها واجدها.
عن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ.
فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا رواه البخاري (2372)، ومسلم (1722).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا وجد الإنسان ركازا ليس عليه علامة الكفر، ولا أنه من الجاهلية، فحكمه إن علم صاحبه وجب رده إليه، أو إعلامه به، أي: إما أن تحمله إلى صاحبه، أو تعلمه، والأسهل هنا الإعلام؛ لأنه قد يكون ثقيلا يحتاج إلى حمل، فإذا أعلمته أبرأت ذمتك.
وإن كان صاحبه غير معلوم بحيث لم نجد عليه اسما، ولم نتوقع أنه لفلان، فإن حكمه حكم اللقطة يعرف لمدة سنة كاملة، فإن جاء صاحبه، وإلا فهو لواجده " انتهى من"الشرح الممتع" (6 / 90).
والله أعلم.