الحمد لله.
إذا رفض الموقع عرض سلعتك، فلا يجوز أن تبيعها اعتمادا على بائع آخر قد عرضها ، لكنها تخالف ما عندك في المواصفات، وذلك أن البيع على الصفة شرطه مطابقة الموصوف للصفة؛ ولما في ذلك من الغش والتدليس.
ثم إنه إذا وصلت السلعة إلى المشتري فرأى اختلافا في الصفة، كان له حق الفسخ، وربما أدى هذا إلى النزاع، وضياع ثمن النقل عليك؛ إذ ليس لك في هذه الحال إلزامه بثمن النقل ، حتى لو كان مشروطا في البيع.
لكن إذا أمكنك النص على أن هذا المعروض مخالف لما هو عندك في الصفة، صح البيع عند بعض أهل العلم الذين يصححون بيع الغائب بدون صفة، ويكون مشتريه بالخيار إذا رآه، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، ورجحه ابن عثيمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مسألة بيع الأعيان الغائبة : وعن أحمد فيه ثلاث روايات إحداهن: لا يصح بيعه بحال ، كقول الشافعي في الجديد.
والثانية: يصح ، وإن لم يوصف ؛ وللمشتري الخيار إذا رآه ، كقول أبي حنيفة، وقد روي عن أحمد: لا خيار له.
والثالثة - وهي المشهورة - أنه يصح بالصفة ، ولا يصح بدون الصفة ، كالمطْلَق الذي في الذمة. وهو قول مالك" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 25).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (8/ 152): " قوله: أو وصف له بما لا يكفي سلما : لم يصح ؛ لعدم العلم بالمبيع .
ويأتينا ـ إن شاء الله ـ السلم ، وما الذي يمكن انضباطه ، والذي لا يمكن، فإذا وصف بما لا يكفي سلما : فإنه لا يصح البيع.
وقيل: إنه يصح أن يبيع ما لم يره ولم يوصف له، ولمشترٍ الخيار إذا رآه، فيقول مثلا: بعت عليك سيارتي، فقال له: ما هذه السيارة؟ قال: إن شاء الله ستراها وتعرفها، قال له: بكم؟ قال: بخمسة آلاف، قال: اشتريت.
فعلى المذهب: لا يصح؛ لأنه لم يرها، ولم توصف له.
ومذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ أنه يصح البيع، ويكون للمشتري الخيار إذا رآه. وهذا هو الصحيح، وهو شبيه ببيع الفضولي؛ لأنه إذا كان له الخيار إذا رآه، فليس عليه نقص.
فإذا قيل: كيف الطريق إلى تصحيح البيع على القول الأول؟
الجواب: أنه إذا رآه عقد عليه من جديد" انتهى.
فيجوز بيع الغائب بغير صفة عند هؤلاء، لكن المشتري إذا رآه، فلم يعجبه : كان له أن يرد السلعة عليك، ولا يجوز لك أن تلزمه بها ، ولا بشيء من تكلفة نقلها ، لا في الإرسال ، ولا في الرد .
وأما بيعه بصفة مخالفة لما هو عليه : فهذا غش وتدليس وهما محرمان، مع إفضائهما للنزاع غالبا.
والله أعلم.