هل يجوز قول المسلم لأخيه "تصدق بالله " تمهيدا لكلام آخر ؟
الحمد لله.
هذه العبارة لا يظهر فيها ما ينهى عنه، فهي على أصل الإباحة والجواز.
والعبارة في أصل وضعها اللغوي: صيغة استفهام من المتكلم إلى السامع؛ أنه يسأله: هل تصدق بالله ؟ يعني: هل تصدق بيمين الله، إن حلفت لك به؟
وليس المراد منها الاستفهام المحض، بل تنبيه السامع إلى مقاصد الكلام، وأهميته، واستثارته على تصديق المتكلم بذلك.
وقد استخلص أهل العلم من نصوص الوحي: " أن الأمور بمقاصدها " ومن فروعها : " أن مقاصد اللفظ على نية اللافظ " . "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1 / 81).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" الاعتبار بالمعاني والمقاصد في الأقوال والأفعال، فإن الألفاظ إذا اختلفت عباراتها أو مواضعها بالتقدم والتأخر والمعنى واحد؛ كان حكمها واحدا، ولو اتفقت ألفاظها واختلفت معانيها كان حكمها مختلفا، وكذلك الأعمال، ومن تأمل الشريعة حق التأمل علم صحة هذا بالاضطرار " انتهى من "إعلام الموقعين" (4 / 552).
وعبارة: "تصدق بالله؟!" هي استفهام تقريري، والمعاني التي يعقل أن يقصدها المتكلم بها لا تكاد تخرج عن معنيين:
المعنى الأول: أن تخرج بمعنى القسم واليمين، أي: هل تصدقني إذا أقسمت بالله؟ ويكون قد قصد بهذا الاستفهام : القسم واليمين، بالفعل، لا أنه سوف يحلف بعد ذلك .
فتأخذ هذه العبارة أحكام القسم؛ لأن: "مقاصد اللفظ على نية اللافظ "، وهذا – فيما يظهر - هو الغالب على استعمال الناس لهذه العبارة، ونحوها، فيما بينهم.
المعنى الثاني: أن يراد بها مجرد تأكيد الكلام؛ بمعنى أنه كما تصدق بالله وأنه حق، فكذلك ما أقوله حق.
فهذا حكمه كحم سائر التأكيدات اللفظية التي الأصل فيها الإباحة والجواز، بشرط أن لا يكون كاذبا في كلامه.
والله أعلم.