هل يجوز توجيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله) للمسلم اليوم من باب الدعم المعنوي؟ فروح القدس حسب أقوال العلماء هو جِبْرِيل، وجبريل لا ينزل بعد وفاة الرسول، فما الحكم في ذلك؟
الحمد لله.
روى مسلم (2490) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لِحَسَّانَ: إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ.
وروح القدس هو جبريل عليه السلام. قال البخاري في كتاب التفسير: “{رُوحُ القُدُسِ} [النحل: 102]: جِبْرِيلُ” انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وقد تقدم في أوائل الصلاة ما يدل على أن المراد بروح القدس جبريل عليه السلام” انتهى من “فتح الباري” (6/ 554).
وكون جبريل يؤيد حسان رضي الله عنه، فهذا لا يعلم إلا بالوحي، فلا يجوز أن يقال لأحد اليوم : إن جبريل، أو غيره من الملائكة، يؤيدك وينافح عنك؛ لأنه من القول على الله بغير علم، وهو محرم تحريما شديدا كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ الأعراف/33
فسواء كان جبريل ينزل إلى الأرض أو لا، فلا يجوز أن يقال ذلك؛ لأنه حديث عن أمر من الغيب بلا علم.
والله أعلم.