الحمد لله.
أولا:
الربح في المضاربة لا يكون إلا بعد سلامة رأس المال.
قال في "بدائع الصنائع" (6/ 107): " ما يستحقه المضارب بعمله في المضاربة الصحيحة، وهو الربح المسمى إن كان في المضاربة ربح.
وإنما يظهر الربح بالقسمة، وشرط جواز القسمة قبض رأس المال، فلا تصح قسمة الربح قبل قبض رأس المال، حتى لو دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح ألفا فاقتسما الربح، ورأس المال في يد المضارب لم يقبضه رب المال، فهلكت الألف التي في يد المضارب بعد قسمتهما الربح، فإن القسمة الأولى لم تصح، وما قبض رب المال فهو محسوب عليه من رأس ماله، وما قبضه المضارب دين عليه يرده إلى رب المال، حتى يستوفي رب المال رأس ماله، ولا تصح قسمة الربح حتى يستوفي رب المال رأس المال" انتهى.
وقال في "الإنصاف" (5/ 443): " (وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال) بلا نزاع" انتهى.
فالأصل أن الربح في المضاربة لا يقسم إلا بعد التصفية، وتنضيد المال حقيقة أو حكما، أي تحويل جميع البضاعة إلى نقود، أو تقويم ما بقي منها، ومعرفة الربح وهو ما زاد على رأس المال، بعد خصم المصروفات.
ويمكن أن تتم هذه التصفية كل شهر أو شهرين أو غير ذلك، وبهذا يأخذ العامل نسبته، ويأخذ رب المال رأس ماله –بضاعة أو نقودا- إضافة إلى ربحه.
ثانيا:
يجوز تقسيم ما ظهر من ربح، تحت الحساب، فيأخذ العامل نسبته وينفق على نفسه منها.
وهذا بناء على أن العامل يملك حصته من الربح بمجرد ظهوره، لكنه ملك غير مستقر، وهو مذهب الحنابلة.
جاء في "المعايير الشرعية"، ص 373-374:
" ** لا ربح في المضاربة إلا بعد سلامة رأس المال، ومتى حصلت خسارة في عمليات المضاربة، جبرت من أرباح العمليات الأخرى، فالخسارة السابقة يجبرها الربح اللاحق.
والعبرة بجملة نتائج الأعمال عند التصفية. فإذا كانت الخسارة عند تصفية العمليات أكثر من الربح، يحسم رصيد الخسارة من رأس المال، ولا يتحمل المضارب منه شيئًا باعتباره أمينا، ما لم يثبت التعدي أو التقصير، وإذا كانت المصروفات على قدر الإيرادات، يتسلم رب المال رأس ماله، وليس للمضارب شيء. ومتى تحقق ربح فإنه يوزع بين الطرفين وفق الاتفاق بينهما.
** يستحق المضارب نصيبه من الربح بمجرد ظهوره (تحققه) في عمليات المضاربة، ولكنه ملك غير مستقر؛ إذ يكون محبوسا وقاية لرأس المال، فلا يَتأكد إلا بالقسمة عند التنضيض الحقيقي أو الحكمي.
ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب، ويراجع ما دُفع مقدما تحت الحساب عند التنضيض الحقيقي أو الحكمي.
** يوزع الربح بشكل نهائي بناء على أساس الثمن الذي تم بيع الموجودات به، وهو ما يعرف بالتنضيض الحقيقي، ويجوز أن يوزع الربح على أساس التنضيض الحكمي، وهو التقويم للموجودات بالقيمة العادلة.
وتقاس الذمم المدينة، بالقيمة النقدية المتوقع تحصيلها، أي بعد حسم نسبة الديون المشكوك في تحصيلها. ولا تؤخذ في قياس الذمم المدينة القيمة الزمنية للدين (سعر الفائدة)، ولا مبدأ الحسم على أساس القيمة الحالية (أي ما يقابل تخفيض مبلغ الدين لتعجيل سداده) " انتهى.
والله أعلم.